The impact of the application of the WTO agreements on the pharmaceutical industry in Algeria through Saidal complex. SAIDAL,تأثير تطبيق اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة على صناعة الأدوية بالجزائر من خلال مجمع صيدال. SAIDAL, disney channel , history,weather, weather com , live tv,tv, العاب, العاب فلاش , العاب سيارات , football games , soccer, football, fc, fa, chelsea fc, fantasy football, tottenham, ladbrokes, william hill , bet365, paddy power ,bwin, arsenal, arsenal news , arsenal transfer news , premier league table, epl,barclays premier league, premier league ,champions league , leicester, evernote, ladbrokes , paddy power, bet365,
درس حول
تأثير تطبيق اتفاقيات
المنظمة العالمية للتجارة على صناعة الأدوية
بالجزائر من خلال مجمع صيدال. SAIDAL
ان الاتفاقيات التي تشرف عليها المنظمة
العالمية للتجارة وعددها 24 اتفاقية، فإن من بينها فقط ثلاث اتفاقيات تمس مباشرة تنظيم
سوق الأدوية وتؤثر فيه سواء من ناحية الإنتاج أو التسويق، وهذه الاتفاقيات هي:
الاتفاق الخاص بالعوائق الفنية للتجارة (O.T.C) والاتفاق الخاص
بالتدابير الصحية والصحة النباتية (SPS) ، واتفاقية حقوق الملكية الفكرية (A.D.P.I.C) أو (TRIPS)، حيث يتعلق الاتفاقان
الأول والثاني (التدابير الصحية والحواجز الفنية في السياسة التجارية) بتنظيم تلك
التدابير على النحو الذي يمكن البلد العضو من استخدامها لتحقيق مصالحه المشروعة
دون الإضرار بالمصالح التجارية لباقي البلدان الأعضاء، وتشمل هذه التدابير كافة
القوانين واللوائح التنظيمية بما في ذلك مقاييس المنتج النهائي، وطرق التجهيز
والإنتاج، وإجراءات الاختبار والفحص والتصديق والموافقة وكذلك معاملات الحجز
الصحي، إضافة إلى إجراءات أخذ العينات وطرق تقييم المخاطر، ومتطلبات التعبئة
والعنونة المبينة للمحتويات والمرتبطة مباشرة بسلامة المواد والسلع (الأدوية)، ولم
يكتفي الاتفاق بأن تستوفي المنتجات المصدرة لهذه اللوائح الفنية والمقاييس فحسب بل
تطلب أيضا تقديم شهادة تفيد مطابقة تلك المنتجات لهذه اللوائح والمقاييس، حتى لا
تؤدي هذه الإجراءات إلى خلق عقبات أو قيود غير مبررة ولا داعي لها أمام التجارة
الدولية، وهو ما يتطلب من السلطات الجزائرية خاصة وزارة الصحة أن تعتمد على مقاييس
وإجراءات مطابقة وموائمة لما ينص عليه هاذين الاتفاقين في مجال تنظيم التجارة
الخارجية في المنتجات الدوائية وخصوصا الواردات باعتبار أن الجزائر تغطي سوقها
بنسبة 80% عن طريق الاستيراد لكن الاتفاق الثالث (ADPIC) فهو الأكثر تأثيرا على صناعة الأدوية في مختلف المجالات ذات
الأهمية الحيوية للتنمية مثل نقل التكنولوجية والابتكار والاستثمار الأجنبي
المباشر، خاصة في الدول النامية ومنها الجزائر التي تعتبر ذات مستوى منخفض من
التنمية الصناعية ومن التطور التكنولوجي مقارنة بالدول الصناعية الكبرى التي قامت
بصياغة مختلف بنود هذا الاتفاق ليصب في خدمة مصالحها وليوسع من حجم الهوة
التكنولوجية بينها وبين البلدان المتخلفة، وقد قدمت اتفاقية حماية حقوق الملكية
الفكرية حماية لكافة أنواع براءات الاختراع سواء تلك المتعلقة بعملية التصنيع أو
المتعلقة بالمنتج النهائي وبكافة حقوق التكنولوجية والمعرفة الفنية طالما أن
الاختراع سجل كاختراع جديد وقابل للتطبيق والاستغلال صناعيا وتجاريا، وسواء كانت
السلعة المنتجة بموجب براءة اختراع مستوردة أو مصنعة محليا، فإنها تتمتع بالحماية
ولمدة عشرون عاما من تاريخ تسجيلها، وترتيبا على ذلك فإن صناعة الأدوية في الجزائر
لن تركن إلى حماية الدولة بعدما تصبح عضو في المنظمة العالمية للتجارة، كما أنها
لن تستطيع أن تبقى أو أن تكون قادرة على تحقيق المنافسة من خلال الارتقاء بالجودة وتخفيض
التكلفة إلا بالاعتماد على البحث العلمي والتطوير في كافة المجالات.
و مما سبق سنبحث في هذا
الجزء المتبقي من الدراسة عن أهم الآثار الممكن حدوثها لصناعة الأدوية في الجزائر،
خاصة القطاع العام (من خلال مجمع صيدال) بعد الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة
وتطبيق اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، وذلك من خلال التأثير على كل من الأسعار،
الإنتاج، الواردات ونقل التكنولوجية والاستثمار الأجنبي المباشر (IDE).
التأثير على الإنتاج
والأسعار
بالنظر إلى اتفاقية حقوق الملكية الفكرية
وما تقدمه من حماية لصاحب براءة الاختراع سواء لطريقة الصنع أو للمنتج النهائي،
بما يعطي حافزا على الابتكار ومن ثم الاحتكار، حيث أن الاحتكار على العموم يعتبر
محفزا على البحث والتطوير للحصول على أرباح غير عادية، على العكس من ذلك فالمنافسة
الكاملة تدفع إلى التقليد لأنه أرخص من الابتكار والتجديد، وبالتالي تزداد قوة
الاحتكار لصاحب براءة الاختراع من خلال الحماية القوية لبراءة اختراعه ومن ثم
قدرته على استرداد نفقات البحث والتطوير (R&D) العالية التي أنفقها في سبيل هذا الاختراع، وينعكس ذلك في ارتفاع
أسعار هذه البراءات التي تمثل التكنولوجية الحديثة، وبالتالي ارتفاع تكلفة عنصر
التكنولوجية ومنه ارتفاع تكلفة الإنتاج وهو ما يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار
البيع للأدوية، من هذه الزاوية يمكن الحديث على أثر تطبيق اتفاقية حقوق الملكية
الفكرية على كل من الإنتاج والأسعار.
1-1-
التأثير على الإنتاج:
حتى نتمكن من تحليل تأثير الاتفاقية على
الإنتاج نستشهد بحالة الانفتاح الاقتصادي للجزائر منذ سنة 1994 وتحريرها لتجارتها
الخارجية ولنظم الأسعار والمنافسة، وعليه يجب أن نأخذ في الحسبان كل من تطور
الإنتاج والمخزونات والمبيعات لنستطيع أن نبين واقع المنافسة الأجنبية وتحرير
السوق وآثارها على تطور الإنتاج في مجمع صيدال، ولذلك فقد أخذنا المعطيات من سنة
2001 إلى غاية سنة 2004، (وهي الفترة التي تتوفر فيها كل المعلومات وبدقة عن نشاط
المجمع ويميزها نوع من الاستقرار السياسي والأمني وكذا الاقتصادي في الجزائر،
ولذلك فهي تعتبر فترة مناسبة حسب اعتقادنا للدراسة).
الجدول مقارنة بين الإنتاج، المخزونات والمبيعات من
الأدوية لمجمع صيدال
2004
|
2003
|
2002
|
2001
|
السنة
البيان
|
126.517
|
124.371
|
121.111
|
115.209
|
الإنتاج (103.U.V)
|
38.000
|
30.000
|
26.000
|
32.000
|
المخزونات (103.U.V)
|
119.200
|
122.540
|
123.000
|
113.797
|
المبيعات (103.U.V)
|
Source;
Rapports de Gestion du Groupe Saidal, Année, 2002,2003 et .2004
من خلال الجدول يتضح لنا بخصوص
الإنتاج أن:
·
هناك
تطور فعلي في الكمية المنتجة من طرف المجمع (صيدال) تقدر بنسبة متوسطة تساوي 102%، ولكنها ضعيفة وذلك راجع لعدة عوامل منها:
-
بعض منتجات تشكيلة صيدال أصبحت بالية (قديمة)
وغير مطلوبة في السوق.
-
عدم مرونة في التجهيزات المستخدمة لقدمها.
-
ضعف استغلال الطاقات الإنتاجية المتاحة.
-
تذبذب بعض خطوط الإنتاج بسبب تعطل وانقطاع
المواد الأولية الضرورية للعملية الإنتاجية، خاصة المستوردة من الخارج.
·
أما فيما يتعلق بالمخزونات فإننا نلاحظ بأنها
تمثل في المتوسط نسبة 25% مقارنة بحجم
الإنتاج لكل سنة، وهو ما يدل على أن هناك خلل في نظام التسويق المتبع من طرف
المجمع لا يسمح بتصريف أكبر كمية من المنتوج النهائي، حيث أن هذه النسبة تعتبر
كبيرة في سوق جزائري كبير.
كما أننا يمكن أن نعزي هذا الارتفاع في
المخزونات إلى احتدام المنافسة الأجنبية في السوق الوطني للأدوية، وهو ما أدى إلى
تقلص حصة مجمع صيدال فيه.
·
هذه النتيجة تؤكد من خلال مقارنة المبيعات،
فنلاحظ فعلا وجود تراجع فعلي في حجم المبيعات خاصة بعد سنة 2002 حيث انخفض حجم
المبيعات من 123 مليون وحدة بيع إلى 119.2 مليون وحدة بيع أي بنسبة (- 4%)، وهو راجع للأسباب التالية:
-
وظيفة التسويق (دراسة السوق) لم ترقى إلى
المستوى المطلوب.
-
بعض المنتجات أصبحت متقادمة من حيث الشكل (Design).
-
بعض منتجات المجمع أقرتها وزارة الصحة بأن تباع
بدون أرباح.
-
دخول منتجات منافسة أجنبية من أجيال جديدة عطلت
الطلب على المنتجات الوطنية.
-
وجود سياسة إشهارية محتشمة من طرف المجمع لم
تعد في المستوى الذي يسمح بإقناع الأطباء والصيادلة على وصف منتجات صيدال للمرضى.
هذه النقاط تعتبر نقاط ضعف لدى مجمع
صيدال لم يتوصل إلى اجتيازها بمجرد تحرير السوق الوطني للأدوية، لكن الأمر سيكون
أعظم من ذلك في حالة تطبيق اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، وذلك كون مجمع صيدال
يعتمد على إنتاج أصناف دوائية خاصة به قليلة وهي أدوية جنيسة، وكون أن الاتفاقية (TRIPS
أو ADPIC) تمدد مدة
الحماية إلى عشرين عاما بدلا من عشرة أعوام فسوف يكون لها تأثير على تراجع الإنتاج
من الأدوية الجنيسة للأدوية ذات الأسماء التجارية، وسيتأخر إنتاج الأدوية الجنيسة
إلى ما بعد عشرين عاما (أي بعد سقوط
ملكيتها في حيز الملك العام)، وبالتالي سوف تتأثر تكلفة إنتاجها بالارتفاع نتيجة
حق البراءة الذي يفرض سعرا عاليا عليها، إضافة إلى كون التكنولوجية الدوائية
الحديثة ذات التكلفة المرتفعة كذلك، ونظرا لضعف القدرات المالية لمجمع صيدال فإنه
لن يقوى على دفع حقوق البراءة لكل الأصناف الدوائية التي يرغب في إنتاجها، إضافة
إلى عدم قدرته على اقتناء تكنولوجية دوائية حديثة لارتباطها كذلك بالبراءة.
1-2-
التأثير على الأسعار:
لقد سبق وتعرضنا لهذه النقطة في المبحث
السابق وبينا أن هناك نظام رقابة صارم من طرف الوزارة الوصية على نظام التسعير في
الجزائر للمنتجات الصيدلانية سواء كانت منتجة محليا أو مستوردة، وهو ما يدل على أن
السوق ليس سوق منافسة كاملة كما أنه ليس بسوق احتكاري، ومن الواضح أنه بعد تحرير
التجارة الخارجية وتحرير الأسعار فقد حدث هناك ارتفاع مفاجئ لأسعار الأدوية سواء
كانت مستوردة أو منتجة محليا، وذلك كون أن المنتجات النهائية المستوردة تتحمل نسبة
7.4% من الرسوم والحقوق لقاء دخولها إلى السوق الجزائري، بينما مدخلات
القطاع الصناعي من مواد أولية ولوازم الإنتاج والمستوردة من الخارج تتحمل ما
مقداره 68.4%
، وهو ما كان له أثر كبير
على ارتفاع الأسعار، خاصة للأدوية المنتجة محليا، هذا بالإضافة إلى خسائر الصرف
إذا نظرنا إلى قيمة الدينار الجزائري في سوق الصرف الأجنبي.
وقد سبقت الإشارة في فصل سابق بأن تطبيق
اتفاقية حقوق الملكية الفكرية في بعض الدول العربية الأعضاء في المنظمة العالمية
للتجارة كمصر مثلا، كان قد أدى إلى ارتفاع في أسعار الأدوية بثلاث مرات، كما أن
هناك دراسة قامت بها لجنة حقوق الملكية الفكرية في الإدارة البريطانية للتنمية
الدولية قد بينت في تقريرها الصادر سنة 2002، بأنه في حالة تطبيق هذه الاتفاقية (TRIPS) على الدول النامية في مجال صناعة الأدوية فإن أسعار الدواء
سترتفع بنسبة تتراوح من 12 %إلى 200%، وهذه النسبة ستقرها بنية السوق وحجم الطلب وكذا درجة المنافسة.
ولهذا يستوجب على مجمع صيدال لتفادي هذه الخسائر
المالية المترتبة عن البراءة أن يقدم طلبات تسجيل البراءات التي دخلت في حيز الملك
العام إلى الديوان الوطني لحقوق الملكية الفكرية، أما التي لم تقع في هذا الحيز
فسيكون مجبرا على دفع حقوقها لأصحابها، وهو ما سيترتب عنه ارتفاع أسعار منتجاتها.
التأثير على الواردات:
لقد سبق وأن تطرقنا في المبحث الأول من هذا
الفصل إلى حجم سوق الأدوية بالجزائر، وأوضحنا فيه بالأرقام أن الصناعة المحلية لا
تغطي أكثر من 20% منه، بينما يتم استيراد ما مقداره 80% من احتياجات السوق من
الخارج (خاصة من الاتحاد الأوربي)، فمن خلال الجدول رقم (5-1) السابق عرضه نلاحظ
أن قيمة الواردات من الأدوية قد بلغت 457.1 مليون دولار أمريكي سنة 2000، لتصل سنة
2002 إلى ما مقداره 619.4 مليون دولار، لتبلغ سنة 2004 قيمة 976.8 مليون دولار،
ويمثل فيها استيراد المنتجات النهائية (أدوية موجهة للاستهلاك المباشر) ما نسبته
92% من مجمل المنتجات الصيدلانية المستوردة.
وإذا ما قرأنا ذلك
بالنسب المئوية، وبالرجوع إلى الجدول رقم (5-2)، نلاحظ بأن نسبة تطور الواردات من
الأدوية بين سنتي (2000-2001) قد بلغت (7.72+%)، ووصلت هذه النسبة ما
بين سنتي (2003-2004) إلى (36.42%)، وهو ما يدل على أن
هناك عوامل محفزة لاستهلاك الأدوية المستوردة بدل تلك المنتجة محليا ومنها نجد
هامش الربح لدى الصيدلي، فمثلا لو أخذنا مقارنة بسيطة بين الجزائر وفرنسا في هذا
المجال نجد:
·
الجزائر- سعر الدواء الأصلي (Princeps)= 1000دج، هامش
الصيدلي: 166.67دج.
·
الجزائر- سعر الدواء الجنيس (Générique)= 400 دج، هامش
الصيدلي: 66.67دج.
·
فرنسا- سعر الدواء الأصلي (Princeps)= 1000دج، هامش
الصيدلي: 166.67دج.
·
فرنسا- سعر الدواء الجنيس (Générique)= 400 دج، هامش
الصيدلي: 166.67دج.
ومنه يتضح أن هذه
السياسة في الجزائر لا تشجع على وصف أو
الترويج للمنتج الجنيس كون أن ربح الصيدلي في المنتوج الأصلي وهو مستورد طبعا يقدر
بنحو ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه عند بيع منتوج جنيسي وهو طبعا منتج محليا، على
العكس من ذلك في فرنسا التي تمنح نفس الهامش للصيدلي ما بين الدواء الأصلي و
الجنيس حتى تشجع طبعا بيع المنتوج المحلي الجنيس.
وبتناول تأثير حماية البراءة في ظل اتفاقية حقوق
الملكية الفكرية على الواردات حين تطبيقها، يتضح أن ذلك يتوقف على درجة تبعية قطاع
الصناعة الدوائية في الجزائر سواء كان مجمع صيدال أو المستثمرين الخواص للخارج،
سواء من ناحية جلب مدخلات الصناعة من مواد ولوازم وخامات دوائية من أصحابها
الأجانب، كما هو الحال كذلك على التكنولوجية المستخدمة، حيث أن الصناعة الدوائية
الوطنية مازالت في المهد في مجال المنتجات النهائية أو الخامات الدوائية والتي
يعتمد في توفيرها على نسبة تفوق 80% من الخارج، وهو ما يدل
على مزيد من الاستيراد للمواد الخام وللتكنولوجية التي تقدم للمنتجين الجزائريين
في شكل عقود تصنيع أو شراكة، نظرا لارتفاع أسعارها في السوق العالمي وهي مرتبطة
كذلك بحقوق الملكية الفكرية، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الواردات والضغط على
الميزان التجاري.
التأثير على الاستثمار
الأجنبي و نقل التكنولوجية
يعد الاستثمار الأجنبي (IDE) أحد أشكال النقل الدولي للتكنولوجية، حيث هناك اتفاقيات الترخيص
التي يقوم الطرف المرخص بمقتضاها بإعطاء الطرف المرخص له حق تصنيع منتجات محددة،
وهناك المشروعات المشتركة التي يدخل من خلالها صاحب التكنولوجية كشريك في رأسمال
المشروع المزمع استعمال التكنولوجية المنقولة من خلاله، كما نجد فيه كذلك إقامة
فروع أو شركات مملوكة ملكية كاملة للطرف الأجنبي داخل الاقتصاد الوطني.
وفي هذا المجال فقد زعمت الدول
المتقدمة في إطار جولة أورغواي بأن دمج حقوق الملكية الفكرية (TRIPS
أو ADPIC) سيدعم تدفق
الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجية نحو الدول النامية، ومن ثم يتعاظم دورها
ومساهمتها في التجارة الدولية وتحقيق التنمية المستدامة.
إلا أنه لم يثبت حتى الآن وبعد
إنفاذ هذه الاتفاقية على العديد من الدول النامية أن حصل تدفق في رأس المال
الأجنبي أو نقل للتكنولوجية فيها، رغم اعتمادها على تغيير تشريعاتها وتكييفها مع
بنود الاتفاقية، وهو ما سنتعرض له فيما يأتي:
1- حماية حقوق الملكية
الفكرية كمحدد للاستثمار الأجنبي المباشر:
يتمثل العامل الرئيسي المفسر لتدفق
الاستثمار الأجنبي المباشر في البيئة الاقتصادية السائدة في الدول بما تشتمل عليه
من ظروف السوق، مستوى رأس المال البشري، ظروف التكلفة، تنمية البيئة الأساسية
(التحقيق)،و السياسة الاقتصادية المتبعة كالتنظيمات المتعلقة بتحويل العملة،
الرقابة السعرية وحماية حقوق الملكية الفكرية.
إلا أنه هناك العديد من
الدراسات التطبيقية التي أجريت لتحديد العلاقة بين حماية حقوق الملكية الفكرية
والاستثمار الأجنبي المباشر، وقد أثبتت كلها بأن الأولى لا تعد محددا مهما بالنسبة
لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ولا بالنسبة لتوطن أنشطة البحث والتطوير التي
تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات، حيث أن هذا النوع الأخير من المرجح أن يحدث
في بعض الدول ذات الاقتصاديات الصناعية حديثا في شرق آسيا كالصين، سنغافورة،
ماليزيا، تايلاندا، هونغ كونغ واندونيسيا،
حيث تستقطب هذه الدول وحدها نحو 90% من مثل هذه التدفقات
بالمنطقة. كما تعد هذه الدول المتلقي الرئيسي لهذه الاستثمارات حتى قبل تطبيق
اتفاقية حقوق الملكية الفكرية في إطار المنظمة العالمية للتجارة.
غير أنه بالنسبة لصناعة الأدوية،
يتضح أن ضعف سياسة البراءة الملائمة للأدوية يعد عاملا هاما للتأثير على قرارات
الاستثمار في العديد من الدول النامية، فقد لوحظ أن تقييد حقوق البراءة للأدوية في
الأرجنتين، البرازيل، كندا، الهند، تايلاندا وتركيا قد أحدث تخفيضا في شركات
الأدوية القائمة على البحث والتطوير، كما انخفض عدد شركات الأدوية المؤسسة على
البحث والتطوير في تركيا من 12 شركة إلى 7 شركات بعد عملية إلغاء حماية البراءة
للمنتجات الدوائية سنة 1961، على الرغم من أن هناك دليلا آخرا يشير إلى تزايد حجم
الاستثمار بواسطة الشركات المتبقية في هذا القطاع بعد سنة 1961، أين أوضحت
الدراسات أن إلغاء البراءات الخاصة بالمنتجات (وليس العمليات) في تركيا بعد هذه
السنة لم يكن له أثر عكسي بالنسبة لتدفق الاستثمار الأجنبي في مجال صناعة الأدوية
نحو تركيا، حيث ارتفع مقدار رأس المال الأجنبي المستثمر بدرجة كبيرة ، حيث ارتفع
من 96 مليون ليرة تركية سنة 1973 إلى أكثر من 800 مليون ليرة سنة 1980 لخمسة
شركات، رغم تبني الحكومة آنذاك سياسة تقييد الاستثمار الأجنبي في مجال الصناعة
الدوائية قصد تشجيع نمو الاستثمارات والشركات المحلية، وهو ما يعني عدم وجود علاقة
سببية بسيطة بين حماية البراءة وتدفق الاستثمار.
وعليه فإنه مهما كانت أهمية
حقوق الملكية الفكرية كمحدد لتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، فبمجرد تطبيق
الاتفاقية على نحو كامل فإن عوامل أخرى مثل وفرة المهارات، البنية الأساسية للبحث
العلمي والتطوير والسياسة الاقتصادية المتبعة، ستكون كذلك ذات تأثير كبير ومحدد
لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يعني بعبارة أخرى بأن التوافق مع اتفاق
(TRIPS) لن يكفل في حد
ذاته توفير جاذبية عالمية لبلد ما مقابل الدول الأخرى في التنافس على ذات
الاستثمارات.
2- حماية حقوق الملكية
الفكرية ونقل التكنولوجية.
تمثل الكيماويات الدوائية العنصر الأساسي في
صناعة الأدوية، فهي العنصر الذي يتعاظم فيه المحتوى التكنولوجي للدواء ككل، بل قد
تنصرف القيمة التكنولوجية الحقيقية كلها للدواء أحيانا في هذه الكيماويات، وعليه
يمكن القول بأن الصناعة الدوائية تعتبر بكل المقاييس صناعة كثيفة التكنولوجية.
والجزائر بوصفها من الدول النامية اعتمدت منذ
سبعينيات القرن الماضي على إرساء قاعدة صناعية متنوعة، اعتمدت فيها خاصة على عقود
نقل التكنولوجية المدمجة مع أطراف أجنبية خاصة (ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا
وغيرها).
ومن سلبيات هذه العملية
(نقل التكنولوجية) عن طريق عقود التصنيع في مجال صناعة الأدوية نجد:
-
اشتراط قيام الشركة الناقلة (الأجنبية) بتوريد
أجهزة الإنتاج، وإقامة خطوط الإنتاج بمعرفتها الخاصة والانفراد بوضع مواصفاتها.
-
المغالاة في تقدير أسعار المواد الأولية
(الوسيطية) التي يوردها الطرف الناقل أو التي يحتكر حقوق توريدها بموجب نصوص عقد
النقل.
-
المزيد من التبعية للطرف الناقل للتكنولوجية من
خلال الانصياع لقيد مواصفات الجودة التي يحددها.
-
المغالاة في الإتاوات المفروضة على رخص
الإنتاج.
-
تقييد شراء الخامات الدوائية من الشركة المانحة
لتراخيص التصنيع، وعدم إعطاء حرية لشرائها من السوق العالمي حتى ولو كانت بأسعار
أقل.
ومنه يتضح بأن صناعة
الأدوية في الجزائر تعتمد بقوة على اتفاقيات التصنيع مما يشير إلى أهمية نقل
التكنولوجية ومدى مساهمتها في تطوير الصناعة المحلية والارتقاء بها، نظرا لضعف
الكفاءات الوطنية في هذا المجال وندرتها بشكل كبير، الأمر الذي يجعلنا نستنتج
العلاقة الموجودة بين حماية الملكية الفكرية في شكلها الجديد ( اتفاقية TRIPS) في ظل المنظمة العالمية للتجارة ونقل التكنولوجية في هذا القطاع
الحيوي وذلك فيما يلي:
أ/ مما لاشك فيه أن اتفاقية حقوق الملكية
الفكرية والتي هي من صنع الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية
ترمي من خلالها إلى تحقيق مصالحها وحفظ حقوقها، وبالتالي فإنها تقوي من جانب الطرف
الناقل للتكنولوجية (الدول المتقدمة) من خلال زيادة مدة الحماية المقدمة للبراءة
(20 سنة)، وهو ما من شأنه تقوية النزعة الاحتكارية، مما يؤثر سلبا على الدول
المستوردة للتكنولوجية، والجزائر واحدة منها.
ب/ إن هذه الحماية المتزايدة تدفع بمالك
البراءة إلى المزيد من المغالاة في الإتاوات أو على الأقل امتداد مدة تحصيلها في
العقود المبرمة، بما يجعل الجزائر أو الشركة الوطنية كمجمع صيدال يتحمل تكاليف
إضافية عالية، كما يمثل بند تقديم الحماية للعملية التصنيعية وللمنتج النهائي على
السواء في ظل الاتفاقية بند قوي لمالك التكنولوجية، إذ يقف حائلا أمام متلقي
التكنولوجية من محاولة إدخال تحسين على المنتج المحمي ببراءة يملكها الطرف الأجنبي
الناقل، ويجعل الشركة الوطنية في مزيد من الحاجة إليه بما يعمق من التبعية
التكنولوجية نحوه.
مما سبق يمكن القول بأن قطاع صناعة الأدوية
في الجزائر والذي لا يغطي أكثر من نسبة 20% من احتياجات السوق
الوطني، هو في حاجة مستمرة ودائمة للمزيد من نقل التكنولوجية، الأمر الذي سيصعب من
المهمة في ظل تطبيق اتفاقية (TRIPS)، كما أنه سيرفع من تكلفة نقل التكنولوجية ويزيد من سلبياتها.
كما أن نمط الحماية المفروض
علينا يمكن أن يساهم في تشجيع المبدعين والمبتكرين على المزيد من العمل الإختراعي،
وإن كان ذلك مرهون بميزانية الاتفاق على البحث والتطوير (R&D).
بينما عندما يتعلق الأمر
بالاستثمار الأجنبي المباشر (IDE) فإن ذلك وكما أوضحنا سابقا ليس مرهونا بدرجة الحماية لحقوق
الملكية الفكرية بقدر ما هو مرهون بمحددات أخرى عديدة سبق الحديث عنها، وأغلبها
غير متوفر في الجزائر.
تحديات ورهانات صناعة
الأدوية في الجزائر.
في ظل التطورات الاقتصادية العالمية التي
يعيشها العالم حاليا، تواجه الجزائر جملة من المواجهات الاقتصادية التي سيكون لها
آثارا بالغة على الاقتصاد الوطني، والمتمثلة في إبرام اتفاق الشراكة مع الاتحاد
الأوربي والذي دخل حيز التنفيذ ابتداءا من الفاتح سبتمبر 2005، وكذا التفاوض من
أجل العضوية في المنظمة العالمية للتجارة، وكلاهما خيارات يصعب التمييز بينهما في
ظل اقتصاد ناشئ مثقل بالديون ولم يتخلص منها حتى الآن، وصناعة فتية تعرضت لتجارب
عديدة باءت كلها بالفشل.
ومن هذه الصناعات نجد صناعة
الأدوية التي أصبحت تواجه منافسة قوية من طرف العديد من الشركات العالمية، وعليه
أصبح مجمع صيدال وكل الشركات الناشطة في مجال صناعة الأدوية يواجه جملة من
التحديات نذكر منها:
أولا:تحديات تقنية علمية:
والمرتبطة خصوصا بضرورة التوصل "إلى صيغ دوائية جديدة بمواصفات جودة
خاصة من شأنها رفع مستوى جودة المستحضرات الدوائية، وبلوغ مواصفات التشغيل في
المصانع دقة متناهية تؤثر على خصائص المواد الخام والمستحضرات الدوائية المصنعة
منها.
ثانيا: تحديات اقتصادية
إستراتيجية: وتتمثل أساسا في التطوير والتغيير في أهداف
شركات الأدوية وفي أشكالها وإستراتيجيتها التنافسية، نحو ما يعرف بالاستراتيجيات
الموجهة أو المركزة والتحالفات، وكذا الشراكة مع الأجانب.
ثالثا: تحديات إدارية:
والمقصود بها اعتماد مداخل الإدارة الاستراتيجية الحديثة، والاعتماد على
المؤهلات العلمية المتخصصة، إضافة إلى جلب واستقطاب ذوي الاختصاصات.
رابعا: تحديات تسويقية:
وذلك باعتماد الأساليب التسويقية الحديثة في مجال التسويق الصيدلاني
اعتمادا على المعلومات واستخدام الكمبيوتر عوض الأساليب التسويقية التقليدية
المستخدمة.
ولمواجهة هذه التحديات يستوجب على مجمع
صيدال ومختلف الشركات الناشطة في مجال صناعة الأدوية اعتماد برنامج لتحسين القدرات
التنافسية له وضمان بقائه واستمراره في السوق،
وذلك باعتماد ما يلي:
-
تطوير نشاط البحث والتطوير (R&D).
-
التطوير التكنولوجي.
-
إدارة وتحسين الجودة.
-
تخفيض التكلفة.
-
البحث في إمكانية الاندماج.
أ/ تطوير أنشطة البحث
والتطوير: وذلك عن طريق:
·
إعادة صياغة أهداف مركز البحث والتطوير (CRD) حتى تتجاوز
المهام التقليدية كحل المشكلات الفنية للإنتاج وجلب تراخيص الإنتاج، بل يجب أن
تكون هناك خطط بحث ذات صلة بتطوير المنتجات وابتكار منتجات أو مواد جديدة، وتخصيص
ميزانيات كافية لتمويل هذه الأنشطة.
·
دعم مركز البحث والتطوير بالإمكانيات المادية
والبشرية المدربة والمؤهلة، والعمل على جذب هذه المهارات وتعيينها وتدريبها بصفة
منتظمة.
·
تقوية التعاون بين هذا المركز ومراكز البحث
الوطنية والأجنبية المتخصصة في مجال الصيدلة والبيوتكنولوجية.
وفي هذا المجال نجد مجمع صيدال
في ظل إستراتيجيته البعيدة المدى (2002-2011) قد تبنى بعض هذه النقاط حتى يتسنى له
تخطي بعض الصعوبات والعوائق التي يعاني منها.
ب/ التطوير التكنولوجي:
وذلك بتقويم التكنولوجية
الحالية المستخدمة في الإنتاج وتحديد نقاط القوة والضعف فيها وذلك مقارنة
بالمنافسين، وكذا بمقارنتها مع التكنولوجية المستخدمة حاليا في الصناعة التي تنتمي
إليها الشركة، وهو ما يعرف بحدود التكنولوجية، نظرا لأن نوع التكنولوجية المستخدمة
عندنا هو تكنولوجية الأساس (la technologie de base) المسموح به من طرف الشركات صاحبة العلامة التجارية (صاحبة
الترخيص)، والمعروف أن هذا النوع من التكنولوجية لا يوفر أي ميزة تنافسية، نظرا
لطبيعة الاحتكار التكنولوجي الموجود في السوق الدولي.
جـ/ إدارة وتحسين
الجودة:
حيث تعتبر الجودة أحد
استراتيجيات المنافسة الرئيسية، بل إنها تشكل التحدي الرئيسي للنظم الإنتاجية بصفة
عامة وفي صناعة الأدوية بصفة خاصة.
وفي هذا المجال فقد تمكن مجمع
صيدال من الحصول على شهادة الإيزو (9001- ISO) نسخة سنة 2000 (Version 2000)، وذلك باعتماده لنظام لإدارة الجودة الشاملة، كما هو بصدد العمل
على الحصول على شهادة الإيزو (14001-ISO) الخاصة بالبيئة، باعتباره مؤشرا أساسيا وهو مرتبط ببعض اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة ذات
البعد البيئي.
د/ تخفيض التكلفة من
خلال الإدارة الفعالة للمواد:
حيث يجمع الاقتصاديون على أن
الإدارة الفعالة للمواد هي أحد المحددات الرئيسية للقدرات التنافسية للشركات
الإنتاجية، وذلك لنسبة ما تشكله المواد في تكلفة المنتج النهائي.
وفي هذا المجال عمل مجمع صيدال
وفق الاستراتيجية المعتمدة (2002-2011) على تخفيض هذه النسبة من 44% إلى حدود 42% سنة 2006 والمحافظة عليه
حتى سنة 2011، وذلك من خلال ترشيد وعقلنة تسيير المخزونات، تنويع مصادر التوريد،
تسيير أفضل للبقايا والنفايا، إضافة إلى تحسين استخدام الطاقات المتاحة حيث أن
معدل استعمال الطاقات (taux
d'utilisation des capacités) يدور في
المتوسط في حدود 77% سنة 2001، وفي سنة 2006 ينتظر بلوغه نسبة 95% ومتوقع الوصول إلى نسبة
99% سنة 2011.
هـ/ البحث في إمكانيات الاندماج مع شركات
إنتاج الأدوية الأخرى لخلق كيانات كبيرة قادرة على المنافسة، حيث أنه من إفرازات
العولمة هو ظهور الشركات العملاقة، والتي تنفق على مشروعات البحث والتطوير مليارات
الدولارات، كما تنفق بالمثل على مشروعات التحديث التكنولوجي، مما يجعل لديها
القدرة على جذب أكفأ المهارات في مختلف التخصصات الإدارية والعلمية، و يجعلها في
وضع تنافسي مميز وأسواقها تغطي العالم (كما هي مبينة في الملحق رقم 16)، كما أنها
تمتلك براءات الاختراع لغالبية الأدوية المستعملة عبر العالم، مما يجعلها قادرة
على تهديد أي شركة أخرى ليس في مستواها عبر العالم.
وهو ما يجعلنا نتساءل عن حالة مجمع صيدال، حيث
أنه في ظل الحماية المطبقة من طرف الدولة وعدم وجود شركات أجنبية متوطنة داخل
الاقتصاد الوطني، فإنها لا تغطي أكثر من 20% من حصة السوق الوطني
الذي بلغ 1 مليار دولار سنة 2006، وحجم إنتاجها لم يتعدى 140 مليون وحدة بيع سنة
2006، رغم توقع إدارة المجمع في مخططها الاستراتيجي أن يبلغ 175 مليون وحدة بيع
سنة 2006.
مما سبق تتضح جسامة التحديات التي تواجه
صناعة الأدوية في الجزائر ومن خلالها مجمع صيدال، وعليه ولمجابهتها يستوجب على
المجمع تكييف الخيارات والرهانات المطروحة أمامه ليتمكن من الصمود ومواجهة
الانعكاسات السلبية لاتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة.
ويمكن أن نذكر من بين الرهانات ما يلي:
أولا: الحاجة إلى إرادة سياسية أكيدة لدعم
القطاع ومساعدته وذلك من خلال دراسة معمقة وجادة لما ترتب عن عملية الانفتاح
الاقتصادي وتحرير قطاع الصناعة الدوائية من خسائر سواء كان ذلك على ميزانية الدولة
من خروج العملات الأجنبية، أو من خلال التأثير على الإنتاج المحلي من حيث تحديد
رقعة السوق أو انخفاض في حجم الإنتاج أو ارتفاع في الأسعار، كونه مرتبط ارتباطا
وثيقا بالسياسة الوطنية للصحة.
ثانيا: ضرورة التفاوض بشأن صناعة الأدوية
وتحديد مصير هذا القطاع من خلال محاولة دعمه وفق مختلف أنواع الدعم المشروعة والتي
لا تمسها اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة، وكذا اعتبار أن هذا القطاع ذو أبعاد
اجتماعية هامة مستقبلا، لا يمكن للدولة التخلي عنها والتنصل من مسؤولياتها عنها.
ثالثا: سياسة التعويض لأسعار الأدوية من خلال
نظام الضمان الاجتماعي الذي يمكن أن يتبع سياسة نموذجية في التعويض من شأنها دعم
المنتوج الوطني وتشجيع استهلاكه بدل المنتجات الأجنبية من خلال بعض الخيارات
التنظيمية كسياسة الأسعار، اختيار المستحضرات الدوائية والقيود المالية...إلخ، كما
هو الحال في النظام الجديد المتبع في تعويض الأدوية وفق نمط (D. C. I) ونظام السعر المرجعي (Prix de
Référence) الذي دخل حيز التنفيذ
في 16/04/2006.
رابعا: الدعم الحكومي المباشر للقطاع دون خرق
لبنود اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة
وذلك من خلال:
·
المساعدات المالية من أجل شراء رخص الإنتاج
والتجهيزات الحديثة الخاصة بالمخابر.
·
التسهيلات الإدارية خاصة في مجال توفير
المعلومات وسهولة الوصول إليها.
·
المشتريات العمومية (الحكومية) كوسيلة لتحفيز
الإنتاج المحلي من جهة واقتصاد في نفقات المؤسسات الإستشفائية من جهة ثانية.
·
المساهمة في تمويل مشاريع الشراكة ما بين
المؤسسات المنتجة للأدوية والجامعات ومراكز البحث، حتى تتمكن من تأهيل وتكوين
عمالها وموظفيها ومسيريها والتحسين من كفاءتهم وترفع مستوى الأداء لديهم.
كل ما سبق من نقاط تظهر كرهانات يراهن عليها
قطاع صناعة الأدوية بالجزائر ومن خلاله مجمع صيدال والتي نجدها مرتبطة ارتباطا
وثيقا بالدولة، ومن خلالها الوزارات الوصية على القطاع، بدءا من وزارة الصحة
والسكان، وزارة الصناعة، وزارة العمل والضمان الاجتماعي، والتي يمكن لها أن تضع
خطة أو برنامج موحد طويل الأمد يرمي إلى تبني هذه الصناعة والمحافظة عليها، دون أن
تتأثر لا بسياسة تحرير التجارة الخارجية ولا بتطبيق اتفاقية الشراكة الأورو-
جزائرية ولا حتى بتطبيق مختلف اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة مستقبلا.
يتبين لنا بأنه في حالة
انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة، وفي ظل الأوضاع الراهنة للاقتصاد
الجزائري والحالة غير المطمئنة لوضعية المؤسسات الاقتصادية ومن خلالها مجمع صيدال
الذي ينشط في مجال صناعة الأدوية، فإن تطبيق اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة
خاصة ما تعلق منها باتفاقية حقوق الملكية الفكرية سوف يترتب عنها ارتفاعا في أسعار
الأدوية المنتجة محليا بفعل تكلفة (الحقوق المدفوعة) لمالك البراءة، كما أن هذه
الحالة قد ينتج عنها في حالة عدم دفع حقوق البراءة وشراء رخص الإنتاج تعطل بعض
الخطوط الإنتاجية أو توقفها عن إنتاج بعض الأصناف الدوائية التي لم يتم شراء
حقوقها.
وهو ما يجعل هذه الصناعة
أيضا تصبح أكثر تبعية للخارج سواء في مجال التموين بالمواد الأولية والخامات
الضرورية للعملية الإنتاجية، أو في مجال جلب التكنولوجية وكذا براءات الاختراع،
وهو ما سيزيد من تدفق الواردات خاصة من المنتجات النهائية. وهو ما أوضحناه من خلال
دراسة التأثير على الواردات ولاحظنا بأن هناك تدفق متزايد للواردات من الأدوية
كلما زادت درجة التحرير والانفتاح الاقتصادي وهو ما يضغط أكثر على الميزان
التجاري.
أما بخصوص جلب الاستثمار
الأجنبي المباشر فإن تحرير التجارة أو تطبيق مختلف اتفاقيات المنظمة ليس له ارتباط
قوي ومباشر على تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، بل هو مرهون بعوامل أخرى متعلقة
بنمط السياسة الاقتصادية المتبعة، السياسة المالية، قوانين الاستثمار، الاستقرار
السياسي والأمني وكذا درجة ارتقاء المنظومة المصرفية نحو مزيد من التحرر.
وعليه نجد بأن صناعة الأدوية
في الجزائر ومن خلالها مجمع صيدال تواجه تحديات جمة يستوجب عليه رفعها والتمكن
منها وتوظيفها في صالحه حتى يتمكن من مجابهة تطبيق مختلف اتفاقيات المنظمة
العالمية للتجارة وما سيترتب عنها من آثار سلبية تحول دون بقاءه واستمراره في ظل
بيئة اقتصادية جد معقدة.
يمكن القول بأنه في حالة انضمام
الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة والبدء في تطبيق مختلف الاتفاقيات التي تشرف
عليها خاصة ما تعلق باتفاقية حقوق الملكية الفكرية، وبالنظر إلى وضع صناعة الأدوية
الجزائرية ومركزها في السوق الوطني، حيث أنها لا تغطي أكثر من نسبة 20% منه، في ظل سوق يتجه دوما نحو النمو والتوسع، فإن دل هذا على شيء
فإنما يدل على ضعف هذه الصناعة وقصرها وعدم قدرتها على النهوض والتطور والنمو، في
وقت لم يعد فيه مكان للضعفاء.
وهو ما يتجلى من خلال مكانة البحث والتطوير
(R&D) في مجمع صيدال،
بحيث أن مركز البحث والتطوير فيه لم يسجل حتى الآن ولا براءة اختراع واحدة، أو حتى
اكتشاف مواد أولية جديدة تستخدم في الصناعة المحلية تغنيه عن اللجوء للشركاء
الأجانب، وهو أمر طبيعي إذا نظرنا إلى طاقمه وموارده المالية المحدودة، وكذا
علاقته بمراكز البحث والجامعات سواء الوطنية منها أو الأجنبية.
وما زاد من الصعوبات
والتحديات نجد غياب ثقافة استهلاك للمنتج الوطني سواء كان سلعا عادية أو أدوية
بحجة أنها ضعيفة المفعول أو غير مطابقة لمواصفات المنتجات العالمية، وهو ما جعل
مجمع صيدال يخصص ميزانية خاصة بالترويج والتعريف بالمنتج الجنيس وإقناع الأطباء
والصيادلة على توزيعه. إضافة إلى ذلك وكما نجد بأن سياسة تعويض الأدوية المنتهجة
حاليا لا تشجع في هذا الخصوص على استهلاك الدواء الجنيس المنتج محليا، وهو ما
يستدعي من السلطات المكلفة بذلك مراجعة هذه السياسة حتى تصبح دافعا ومحفزا على
استهلاك الدواء المنتج محليا وتعطيه مكانا متميزا في سوق الأدوية حتى يتمكن المجمع
ومعه باقي المؤسسات الناشطة في مجال صناعة
الأدوية من تصريف منتجاته واقتصاد نفقاته وتوفيرها وتوظيفها في شراء تكنولوجية
جديدة أو تمويل مشاريع بحثية تهدف إلى ابتكار أصناف دوائية جديدة أو تطوير أنواع
موجودة لتحصل بالمقابل على براءاتها وتتخلى عن التبعية لأصحاب البراءة الأجانب.
وفي هذا السياق يستوجب على
مجمع صيدال ليتمكن من مواجهة الآثار السلبية لتطبيق اتفاقيات المنظمة العالمية
للتجارة أن يوسع من مشاريع الشراكة مع الأطراف الأجنبية حتى يتمكن من الحصول على
تكنولوجيات حديثة وفن إنتاجي متقدم، إضافة إلى تطوير المهارات التسييرية لإطاراته
ودفعهم للتشبع بثقافة المؤسسة من أجل الحفاظ عليها وضمان استمرارها ونموها. كما
يستوجب عليه تطوير مركز البحث والتطوير (CRD) وتزويده بتكنولوجية جديدة واستقطاب ما يمكن من العلماء
والكيميائيين وخبراء الصيدلة من داخل الوطن وخارجه، للعمل على إنتاج وابتكار
وتطوير منتجات جديدة خاصة بالمجمع هو فقط من يمتلك براءة اختراعها، حتى يتمكن من
توسيع تشكيلة منتجاته ويستغني عن اللجوء للمخابر الأجنبية للحصول على البراءات
ورخص الإنتاج.
دون أن ننسى في الأخير
ضرورة اهتمام الدولة بهذا القطاع الحساس الذي مهما كان يجب أن يكون ويستمر كونه
يرمي إلى المساس بحياة البشر، ففي حالة تفشي الأوبئة أو الأمراض الفتاكة أو في
حالة الحرب لا يمكن للدولة التي تهمل هذا القطاع وتضحي به من أجل بعض المزايا
التجارية الظرفية أن تضمن استمرارها هي وليس قطاع الصناعة الدوائية كون أن العملية تهدد تواجد واستمرار
الحياة البشرية وليس حياة المؤسسة.
الى هنا نكون قد قدمنا لكم هذا
الوضوع ليكون اضافة في سرح المعرفة للتلاميد و الاساتذة .... اتمنى ان يكون في
متناول الجميع ....
اذا واجهتك أي مشكل او تسائل
ضعه في تعليق اسفل الموضوع و سنجيبكم على كل التسائلات باذن الله ....
ان اعجبك الموضوع لا تنسى
بمتابعتنا بالنقر على متابعة بالبريد الالكتروني في اسفل الموضوع حتى يصلكم كل
جديد في موقع مدونة المتخصص في الاقتصاد ...
يمكنكم
متابعة ايضا المواقع التالية كمصدر لاهم المعلومات .....
زورو المواقع التالية
|
|
|
|
|
|
Post A Comment:
0 comments so far,add yours