تجارة،خارجية،فكر،اقتصادي،نظرية،التكاليف،المطلقة،آدم،سميث،ADAM،SMITH،الكلاسيكية،كلاسيك،تبادل،تجاري،حرية،النسبية،ريكاردو،David،RICARDOالقيم،الدولية،جون،ستيوارت،ميل،الطلب،المتبادل،النيوكلاسيك،وفرة،عوامل،الانتاج،هكشر،اولين،ليونتاف،LEONTIEF،الحديثة،منافسة،تامة،تشابه،الاذواق،النقل،
أساسيات حول التجارة الخارجية:
Notions de base sur le commerce extérieur
المفهوم العام للتجارة الخارجية هو أن المعاملات التجارية الدولية في صورها
الثلاثة المتمثلة في انتقال السلع و رؤوس الأموال ، تنشأ بين أفراد يقيمون في
وحدات سياسية مختلفة، أو بين حكومات و منظمات اقتصادية تقطن وحدات سياسية مختلفة
1 - مفهوم و أهمية التجارة الخارجية:
لقد أدى التطور التاريخي إلى نشأة الدولة القومية بحدودها السياسية، ولذا
يعد مبدأ اختيار الحدود السياسية للدولة على درجة كبيرة من الأهمية لفهم طبيعة
التجارة الدولية، فالتجارة بين ولايات الهند قبل عام 1945 ونشأة دولة الباكستان
كانت تجارة دولية بحتة، ثم تحولت وأصبحت تجارة دولية بعد إنشاء دولة الباكستان.
وقد حدث العكس وتحولت التجارة الدولية إلى تجارة داخلية مثلما حدث عندما
تحققت الوحدة السياسية الأوروبية قبل سنوات قليلة، وعندها تحولت التجارة الدولية
التي كانت تقوم بين دول الاتحاد الأوروبي إلى تجارة داخلية.
أ.
أهمية التجارة الخارجية :
تعد التجارة الخارجية من القطاعات الحيوية في أي مجتمع (الاقتصاد) من
المجتمعات سواء أكان ذلك المجتمع متقدما أو ناميا. فالتجارة الخارجية تربط الدول و
المجتمعات مع بعضها البعض إضافة إلى أنها تساعد في توسيع القدرة التسويقية عن طريق
فتح أسواق جديدة أمام منتجات الدولة، و تساعد كذلك في زيادة رفاهية البلاد عن طريق
توسيع قاعدة الاختيارات فيما يخص مجالات الاستهلاك و الاستثمار وتخفيض الموارد
الإنتاجية بشكل عام.
و بالإضافة إلى ذلك تأتي أهمية التجارة الخارجية من خلال اعتبارها مؤشرا
جوهريا على قدرة الدول الإنتاجية و التنافسية في السوق الدولي وذلك لارتباط هذا
المؤشر بالإمكانيات الإنتاجية المتاحة، وقدرة الدولة على التصدير مستويات الدخول
فيها، وقدرتها كذلك على الاستيراد و انعكاس ذلك كله على رصيد الدولة من العملات
الأجنبية وماله من أثار على الميزان التجاري.
كما أن هناك علاقة وثيقة بين التجارة الخارجية و التنمية الاقتصادية
فالتنمية الاقتصادية و ما ينتج عنها من ارتفاع مستوى الدخل القومي يؤثر في حجم
ونمط التجارة الدولية . كما أن التغييرات التي تحدث في ظروف التجارة الدولية تؤثر
بصورة مباشرة في تركيب الدخل القومي و في مستواه، و الاتجاه الطبيعي هو أن يرتفع
مستوى الدخل القومي وتزدهر التجارة الخارجية في نفس الوقت. فالتنمية الاقتصادية
تستهدف ضمن ما تستهدف زيادة إنتاج السلع، و إذا تحقق هذا الهدف عندئذ تزيد قدرة
الدولة على التصدير إلى الخارج و التاريخ الاقتصادي لبريطانيا و ألمانيا و اليابان
مثلا يشير بوضوح إلى أن نمو وزيادة الدخل القومي بها صاحبه زيادة في حجم التجارة
لهذه الدول.
أما اثر التجارة الدولية على اقتصاديات الدول النامية فيتضح أكثر من أي وقت
مضى، وذلك أن الدول النامية تحكمها أوضاع التخلف الاقتصادي لأسباب تاريخية. ولذلك
يكون متوسط دخل الفرد في الدول النامية منخفضا فيقل بالتالي مستوى الصحة العامة و
التعليم ، وتنخفض الإنتاجية و تقل الاستثمارات، فيؤدي ذلك إلى هبوط مستوى الدخل،
وهكذا تدور دائرة الفقر من جديد. وإذا لم تنكسر هذه الدائرة في نقطة ما من محيطها،
فلن يتغير وضع التخلف، ولن تحدث تنمية حقيقية.
ويمكن للتجارة الدولية أن تلعب دورا للخروج من دائرة الفقر، وخاصة عند
تشجيع الصادرات، فينتج عن ذلك الحصول على مكاسب في صورة رأس مال أجنبي جديد يلعب
دورا في زيادة الاستثمارات الجديدة في بناء المصانع و إنشاء البنية الأساسية،
ويؤدي ذلك في النهاية إلى زيادة التكوين الرأسمالي والنهوض بالتنمية الاقتصادية.
2- التجارة الخارجية في الفكر الاقتصادي:
تبحث نظريات التجارة الدولية في أسس التبادل التجاري الذي يعود بالفائدة
على طرفي المبادلة من اجل هذا تتعرض النظريات لشروط تقسيم العمل الدولي وتتخصص
الدول في مختلف وجوه النشاط الاقتصادي كذلك تتعرض النظريات لكيفية توزيع الفوائد
الناجمة عن تقسيم العمل الدولي بين الدول المشتركة في ذلك التقسيم ، وأخيرا تتعرض
النظريات لأسباب تخصص الدول المشتركة في تقسيم العمل الدولي في إنتاج سلعة معينة.
أ.
النظريات الكلاسيكية
1-
نظرية التكاليف المطلقة (ادم سميث)ADAM SMITH
اهتم الاقتصاديون الكلاسيك بالتجارة الخارجية وقرروا أن
أسباب قيامها و النتائج التي تترتب عليها تختلف اختلافا كبيرا عما يحدث في التجارة
الداخلية، وقرروا أن تكاليف إنتاج السلع تحددها قيمة العمل المبذول في إنتاجها فإذا
زادت قيمة السلع عن قيمة العمل المبذول في إنتاجها تحولت عوامل الإنتاج إلى إنتاج
تلك السلع وتركت السلع التي تقل قيمتها عن قيمة العمل المبذولة فيها، وهذا مبني
على قابلية عوامل الإنتاج للتحرك من صناعة إلى أخرى إلى أن تتساوى عوائد عوامل
الإنتاج في الصناعات كلها و بهذا يصل الاقتصاد القومي إلى وضع التوازن العام، لكن
أن جاز هذا في البلد الواحد فلا يجوز بين البلدان التي تفصلها الحدود.
وأساس دعوى ادم سميث للتخصص و التقسيم الدولي للعمل هو
الإنتاج من سلعة معينة في دولة ما إذا تتمتع بميزة مطلقة نفقة مطلقة اقل، فان هذا كاف
لقيام التجارة الخارجية بين تلك الدولة و الدول الأخرى التي تتمتع بميزات مطلقة
أخرى أو نفقات مطلقة اقل في إنتاج سلع أخرى فيحدث التبادل بينهما.
لم يتضح رأي ادم سميث فافترض مثال في دولتين هما انجلترا
و البرتغال و إنهما ينتجان سلعتين هما القماش و القمح، وان ثمن
هاتين السلعتين قبل قيام التجارة بينهما كان كالتالي:
الدولــة
|
القمح
|
القماش
|
انجلترا
|
04 دولارات للوحدة
|
03 دولارات للوحدة
|
ألبرتغال
|
02 دولارات للوحدة
|
06 دولارات للوحدة
|
جدول رقم 1 نظرية التكاليف المطلقة
ويبدو من هذا المثال إن ثمن القماش في انجلترا اقل منه
في البرتغال الأمر الذي يؤدي إلى قيام منتجي القماش في انجلترا بتصديره إلى
البرتغال وارتفاع ثمن القمح في انجلترا عنه في البرتغال يعمل منتجي القمح على
تصديره وسوف تكون نتيجة ذلك اتساع سوق القماش أمام المنتجين الانجليز وسوق القمح
أمام المنتجين البرتغاليين، وذلك بإضافة
سوق البرتغال للأولى وسوق انجلترا للثانية، وهكذا يزداد مدى تقسيم العمل في صناعة
القماش في انجلترا ، في صناعة القمح في البرتغال
مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية العمل في الدولتين و بالتالي إلى زيادة الناتج
الكلي بهما و بهذا يمكن لكل دولة الحصول على حاجتها من السلعة من أكفأ المصادر
الإنتاجية و أرخصها.
الشرط الأساسي لقيام التجارة الخارجية بين دولتين في رأي
ادم سميث هو تلك الميزة المطلقة فيما يتصل بالمنتجات التي تصدرها الدولة ، وعلى
هذا ينبغي توفير جميع الإمكانيات للمنتجين حتى يستطيعوا أن ينتجوا سلعا أكثر
يتمتعون بها بميزة مطلقة ، والنتيجة هي زيادة التخصص وزيادة الإنتاجية و الثروة في
الدول المعنية.
تدعو النظرية "نظرية التكاليف المطلقة"
إلى وجوب جعل التجارة حرة بين البلدان المختلفة وهدف السياسة الاقتصادية الواجب
إتباعها على كل دولة ، لأنهما ستؤدي إلى زيادة الثروة لكل بلد ، فالعوائق المختلفة
للتجارة الخارجية مثل الرسوم الجمركية أو الخطر الكامل للواردات تؤدي إلى تضييق
حجم السوق الدولي.
وقد حاول ادم سميث أن يبين الضرر الناتج من تلك العوائق
فقسم تلك العوائق إلى نوعين:
-
تقييد الواردات من السلع التي يمكن إنتاجها محليا
-
تقييد الواردات من البلاد التي يكون الميزان التجاري
معها غير موافق
و يفترض ادم سميث إن تقييد الدولة من الواردات من الدول
الأجنبية غرضه الأساسي هو حماية الصناعات الناشئة.
2-
نظرية التكاليف النسبية (دافيد ريكاردو)David RICARDO
أورد ريكاردو نظريته في التجارة الدولية من خلال كتابه
في " الاقتصاد السياسي و الضريبة" و لقد استعرض ريكاردو ما ذهب إليه ادم
سميث في التجارة الخارجية وأوضح انه ستوجد فائدة لكل من الدولتين في التجارة الخارجية
حتى ولو كان لإحدى الدولتين ميزة مطلقة على الأخرى في إنتاج سلعتين وذلك إذا ما
كانت الميزة اكبر في إحدى السلعتين منها في سلعة وهكذا فان التخصص الدولي و قيام
التجارة بين الدول لا يتوقف علة مقارنة الميزة المطلقة لمختلف الدول في إنتاج
السلعة الواحدة و إنما هي مقارنة الميزة النسبية لمختلف الدول في إنتاج السلعتين.
ريكاردو نظريته في التجارة الدولية على نفس التي بنى عليها نظريته في القيمة فقيمة
أي سلعة في رأيه أنما تتوقف على ما بذل في إنتاجها من عمل على أساس أن هناك علاقة
تربط قيمة سلعتهم وتكاليف إنتاجها، وهو في هذا يفترض انه لا يوجد إلا عنصر واحد من
عناصر الإنتاج و هو العمل وان قيمة السلع تتناسب مع ما بذل فيها من عمل
وحيث انه إذا كانت الوحدة من سلعة معينة يلزم لإنتاجها مستوى (60) يوم
عمل وكانت الوحدة من سلعة أخرى تحتاج أكثر من ستين يوما لإنتاجها فان قيمة السلعة
الثانية أعلى من قيمة السلعة الأولى.
ويوافق ريكاردو ادم سميث على أن قاعدة النفقات المطلقة
تعطي ميزة مطلقة فيما يختص بإنتاج سلعة معينة، ولكنه يعدد تلك القاعدة بالنسبة
للتجارة الداخلية، أما التجارة فان قاعدة النفقات المطلقة لا تفسر كيفية قيام
التجارة بين الدول المختلفة وهنا يبدأ تحليل ريكاردو في النفقات النسبية.
ولنشرح قانون النفقات النسبية في المثال التالي:
وحدة القمح
|
وحدة المنسوجات
|
|
انجلترا
|
120 يوم عمل
|
100 يوم عمل
|
البرتغال
|
80 يوم عمل
|
90 يوم عمل
|
جدول رقم 2 نظرية التكاليف النسبية
ويوضح ادم سميت مدى الضرر البالغ الذي يصيب الاقتصاد
القومي من جراء فرض ضريبة على الواردات، وذلك ببيان الطريقة التي يتم بها توزيع
الموارد بين فروع الإنتاج المختلفة ، فتوزيع الموارد يتم بناء على دافع الربح
المادي، فالعامل يذهب إلى الفرع الإنتاجي الذي يعطيه أعلى أجر، و الرأسمالي يستثمر
أمواله في الإنتاج الذي يعود عليه بأقصى ربح، و هكذا فكل عامل من عوامل الإنتاج
يتجه إلى الفرع الإنتاجي الذي يحقق له أقصى ربح، وهذا يعني انه في نقطة التوازن
فان كل عامل من عوامل الإنتاج يكون قد حقق لنفسه أقصى عائد ممكن، وفي نفس الوقت
فان هذا الوضع يحقق مصلحة المجتمع، فهناك انسجام مطلق بين ما يحقق المصلحة الخاصة
للأفراد و ما يحقق المصلحة العامة للمجتمع، فكأنه توجد يد خفية تدفع الأفراد إلى
تحقيق الصالح العام وهذا يعني حصول الدولة على أقصى ناتج يمكن الحصول عليه من
موارد الثروة .
بالنسبة للأثر الذي تتركه الضريبة الجمركية، هو في
الواقع اثر انكماشي في كمية المستورد من السلع التي يفرض عليها الضريبة الجمركية،
وبالتالي يزداد الطلب على المنتج محليا منها و يرتفع أسعارها، وبحيث لا تتعرض
للمنافسة فتقل جودتها ، وسيؤدي زيادة الأرباح في إنتاج هذه السلع إلى أفراد عوامل
الإنتاج الموظفة في فروع الإنتاج الأخرى إلى الاتجاه إلى إنتاج هذه السلعة،
وبالتالي فان الأثر النهائي لفرض ضريبة جمركية على سلع معينة أو عدة سلع هو إعادة
توزيع الموارد على فروع الإنتاج لصالح السلعة التي فرض عليها ضريبة جمركية و يصبح
التوزيع الجديد لموارد مختلفا عن التوزيع الأمثل للموارد والذي يتم بناء على
التفاعل الحر لعوامل الإنتاج .
فرض ضريبة جمركية على سلعة معينة يتوقف على اثر فرض تلك
الضريبة على الناتج الكلي في البلد المعني، وبين ادم سميث ذلك بان الصناعة التي
تنتج سلعة بأعلى من تكلفة الإنتاج بالخارج يعني هذا انخفاض في الإنتاجية في تلك
الصناعة، وأذن لو فرضت الضريبة جمركية لحمايتها فان هذا لا يبعث الحافز لدى
المنتجين لتحقيق اقل تكلفة إنتاج، أو بعبارة أخرى الزيادة الإنتاجية، والنتيجة
النهائية هي نقص الناتج الكلي القومي، بينما لو سمحت الدولة بالمنافسة الأجنبية
للصناعات التي تنتج بتكلفة أعلى فان هذا سيحثها على زيادة إنتاجيتها و الإنتاج
بتكلفة اقل وإلا فعلى المنتجين أن يتركوا الصناعة وإذن ستتجه عوامل الإنتاج إلى
الصناعات التي تتمتع فيها بميزة مطلقة وستعود الحرية للتجارة بين الدول في شكل
زيادة في الإنتاج الكلي وزيادة الرفاهية الاقتصادية .
هذا البيان يبين نفقة إنتاج المنسوجات ووحدة القمح في كل
من البرتغال وانجلترا، فوحدة المنسوجات تتكلف 100 يوم عمل في انجلترا بينما تتكلف
90 يوم عمل في البرتغال ووحدة القمح تتكلف 120 يوم عمل في انجلترا و80 يوم عمل في
البرتغال، و من الواضح أن تكاليف إنتاج المنسوجات و القمح اقل في البرتغال عنها من
انجلترا، ومن خلال هذا المثال قد نتبين أن التبادل التجاري لن يقوم بين انجلترا و
البرتغال. وذلك لان البرتغال تتفوق تفوقا مطلقا في إنتاج السلعتين، غير أن ريكاردو
يقول انه على الرغم من أن البرتغال تتفوق تفوقا مطلقا على انجلترا في إنتاج
السلعتين إلا أن البرتغال تتفوق بدرجة اكبر في إنتاج القمح عن المنسوجات و بعبارة
أخرى أن البرتغال تتفوق تفوقا نسبيا في إنتاج القمح عن إنتاج المنسوجات بالنسبة
لانجلترا وهذا التفوق النسبي نتيجة لانخفاض تكاليف النسبية و هو الشرط الضروري و
الكافي لقيام تجارة بين البرتغال وانجلترا.
ويمكن إيضاح فكرة التكلفة النسبية من خلال مقارنة تكلفة
إنتاج سلعة في احد البلدين بالنسبة إلى
نفقة إنتاجها في البلد الأخر ، ثم نقارن هذه التكلفة النسبية ما بين
السلعتين وبذلك تختص البرتغال في إنتاج السلعة التي تكون نفقة إنتاجها بالنسبة إلى
نفقة انجلترا اقل منها في السلعة الأخرى، كذلك ستتخصص انجلترا في إنتاج السلعة
التي تكون نفقة إنتاجها بالنسبة إلى نفقة إنتاجها بالبرتغال اقل منها في السلعة
الأخرى، فنفقة إنتاج القمح في البرتغال بالنسبة لنفقة إنتاجها في انجلترا هي
120/80 يوم عمل أي 0,66 وهذا يعني أن نفقة إنتاج وحدة من
القمح في البرتغال إنما تعادل نفقة إنتاج 0,66
من وحدة منه في انجلترا ، إما نفقة إنتاج المنسوجات في البرتغال بالنسبة إلى نفقة
إنتاجها في انجلترا فهي 100/90 يوم عمل أي
0,9 بمعنى إن نفقة إنتاج وحدة واحدة
من المنسوجات في البرتغال إنما تعادل نفقة إنتاج 0,9
من وحدة واحدة منها في انجلترا. وبذلك تكون نفقة القمح في البرتغال بالنسبة إلى
نفقته في انجلترا هي الأقل ، أي اقل من نفقات المنسوجات في البرتغال بالنسبة إلى
نفقتها في انجلترا، وهكذا يكون من مصلحة البرتغال أن تختص في إنتاج القمح لتمتعها
في إنتاجه بنفقة نسبية اقل بالمقارنة بالمنسوجات، أما انجلترا فمن صالحها أن تختص
في إنتاج المنسوجات لأنها تتمتع فيها بنفقة نسبية اقل بالمقارنة مع القمح.
3-
نظرية القيم الدولية (جون ستيوارت ميل)John Stuart MILL
عجز ريكاردو عن السير في نظريته ليحدد معدلات التبادل
الدولي ،ولذلك فان "جون ستيوارت ميل" حلل الكيفية التي تحدد بها
المعدلات التي ستتبادل بها السلع وكذلك الكيفية التي تتوزع بها فوائد التقسيم
الدولي للعمل بين الدول التي تتمتع بميزات نسبية في إنتاج سلع معينة و تتخصص فيها
وتتبادلها بسلع أخرى لا تتمتع في إنتاجها بميزات نسبية وقد أورد جون ستيوارت ميل
نظريته في القيم الدولية من خلال كتابه مبادئ الاقتصاد السياسي.
ويشرح ميل نظريته بافتراض أن هناك دولتين انجلترا و
ألمانيا وأنهما تنتجان المنسوجات و الكتان و إن إنتاج 10 وحدات من المنسوجات يكلف
انجلترا قدرا من العمل مثلما يكلفها إنتاج 15 وحدة من الكتان، و في ألمانيا فان
إنتاج 10 وحدات من المنسوجات يكلف ألمانيا قدرا من العمل مثلما يكلفها إنتاج 20
وحدة من الكتان و هو ما يبينه الجدول التالي:
الدولــة
|
المنسوجات
|
الكتـان
|
انجلترا
|
10 وحدات
|
15 وحدة
|
ألمانيا
|
10 وحدات
|
20 وحدة
|
جدول رقم 3 إيضاح نظرية القيم الدولية
و من خلال هذا الجدول نتبين أن المنسوجات في كل من
انجلترا و ألمانيا تتكلف قدرا من العمل اكبر مما يكلفه إنتاج الكتان، ولكن ألمانيا
تتمتع بميزة نسبية عن انجلترا في إنتاج الكتان في حين تتمتع انجلترا في إنتاج
المنسوجات بالنسبة لألمانيا وذلك لان كمية العمل التي تنتج 10 وحدات من المنسوجات
15 وحدة من الكتان في انجلترا، بينما نفس كمية العمل التي تنتج وحدة من المنسوجات
في ألمانيا 20 وحدة من الكتان و لذلك فمن المفيد بالنسبة للدولتين أن تتخصص
انجلترا في إنتاج المنسوجات وتستورد الكتان من ألمانيا، وتختص ألمانيا في إنتاج
الكتان و تستورد المنسوجات من انجلترا.
4- نظرية الطلب المتبادل (مارشال ادجورت) MARCHAL EDGWORTH
ترجع
فكرة الطلب المتبادل إلى "جون ستيوارت ميل"، و تتلخص فكرة الطلب المتبادل في
انه عرض احد طرفي المبادلة للسلعة التي ينتجها هو في الواقع يمثل طلبه على السلعة
التي ينتجها الطرف الأخر، وكذلك فان عرض الطرف الآخر للسلعة التي ينتجها الطرف
الأول، و يتحدد معدل التبادل الفعلي نتيجة لالتقاء طلب الطرف الأول بطلب الطرف
الثاني على السلعتين أي نتيجة لالتقاء الطلب المتبادل.
وقد قام "الفريد مارشال" بتحليل فكرة
"ميل" في الطلب المتبادل ثم قام "ادجورت" باستكمال ما بدأه
مارشال، وبناء على فكرة الطلب المتبادل فان منحنيات الطلب المتبادل تحدد سعر
التبادل الدولي.
بدأ نقد النظرية الكلاسيكية في التجارة الدولية من واقع
الفروض التي استندت إليها، فكانت تفترض أن التبادل التجاري بين الدول إنما يتم على
أساس المقايضة، وانصبت كل التحاليل على كل حالة دواتين لا تنتجان إلا سلعتين،
وتجاهلوا تكاليف النقل ، وان عناصر الإنتاج تتمتع بالسيولة الكاملة داخل الدولة
الواحدة ، وان قيمة المبادلة تتحدد على أساس العمل المبذول في إنتاج السلعة.
ب-
النظريات
النيوكلاسيكية:
نتيجة للنقد الذي تتعرض له النظريات الكلاسيكية في
التجارة الخارجية وذلك لتبسيطها، وفروضها غير الواقعية، فهي أولا تفترض وجود
دولتين في التعامل و سلعتين أيضا.
ففي الواقع لا يعبر عن قيمة أي سلعة بسلعة أخرى ولكن
بثمن نقدي و الإنتاج لا ينحصر في سلعتين و إنما في كثير من السلع، و النظرية أيضا
تفترض سريان قانون النفقة الثابتة و لا تبحث بالتالي في زيادة
الإنتاج، نتيجة لخضوعه لتزايد أو تناقص التكاليف، كما أن
النظرية وان أشارت لعدم القدرة لعوامل الإنتاج في داخل الدولة الواحدة بين مختلف
فروع الإنتاج.
وقد قام مجموعة من الاقتصاديين من أمثال SENIO, LONFIELD, TAUSSIG,
EDGWORTH بتوسيع نطاق النظرية و استبعاد فروضها المبسطة.
إذا قامت التجارة بين بلدين فلابد من إن تقوم علاقة
معينة بين مستوى الأجور فيها، هذه العلاقة تتحدد بالعلاقة بين مستوى إنتاجية العمل
في البلدين.
1-
نظرية وفرة عوامل الإنتاج (هيشكراولين)HECKSHER OH LIN
تفسر النظرية الكلاسيكية السبب في قيام التجارة الخارجية
بين الدول وهو اختلاف النفقات النسبية في إنتاج السلع، ولكنها لم تفسر لماذا تختلف
النفقات النسبية من دولة إلى أخرى؟ ونظرا لان النظرية الكلاسيكية تقوم على أساس
اعتبار العمل أساس لنفقة السلعة، وان التبادل الدولي يتم على أساس المقايضة. فقد
قام "هيشكر" بتحليل هذه الفروض التي تقوم عليها النظرية الكلاسيكية.
وقد رفض أولين الفروض التي قامت عليها النظرية و هي
اعتبار العمل أساسا لقيمة السلعة وانه يجب تطبيق الأسعار وأثمان عوامل الإنتاج على
أساس نظرية القيمة،فالتفاوت في قيمة السلع لا يرجع إلى التفاوت فيما انفق على
السلعة من عمل ولكن فيما انفق من عناصر الإنتاج على السلعة.
بيَّن أولين أن التجارة الخارجية تقوم نتيجة لا للتفاوت
النسبي بين تكاليف الإنتاج وإنما تقوم للتفاوت بين الدول في أسعار عوامل الإنتاج و
بالتالي في أسعار السلع المنتجة.
وترجع أهمية نظرية وفرة عوامل الإنتاج في تطبيق نظرية
الثمن و التوازن التي تستخدم في نظرية العرض و الطلب على نظرية التجارة الخارجية.
يرى أولين أن سبب قيام التجارة الخارجية بين الدول يرجع
إلى الاختلاف في أسعار السلع المنتجة هذا الاختلاف في أسعار عوامل الإنتاج إنما
يرجع إلى ظروف كل دولة من حيث وفرة أو ندرة عوامل الإنتاج ، وينعكس هذا كله في
الاختلاف في أثمان السلع المنتجة، وهكذا سيوجد دولا ستتخصص في إنتاج سلعة معينة
لأنها تتمتع بميزة معينة في إنتاجها وان هذه الميزة ترجع لاختلاف أسعار عوامل
الإنتاج المشتركة في إنتاجها.
تقوم التجارة الخارجية لاختلاف النفقات النسبية ثم يزداد
الطلب على منتجات كل دولة وتستفيد من مزايا الحجم الكبير للإنتاج وهكذا يتضافر كل
من وفرة عوامل الإنتاج وكذا الحجم الكبير
2- نظرية
(ليونتياف)LEONTIEF
قام هذا الاقتصادي بتطبيق اختبار للنظرية الحديثة
للتجارة الخارجية على إصدارات وواردات الولايات المتحدة لمعرفة ما إذا كانت تتفق مع
نظرية وفرة عوامل الإنتاج، على أساس إن الولايات المتحدة تتمتع بوفرة في رأس المال
وندرة في عنصر العمل، واستخدم ليونتياف في هذا الاختبار أسلوب تحليل المستخدم
المنتج وذلك لحساب رأس المال، وكذلك العمل اللازم للإنتاج في عدد من
الصناعات الأمريكية، ووصل إلى النتيجة أن التجارة
الدولية بين الولايات المتحدة و الدول الأخرى إنما تقوم على أساس تخصصها في
الصناعات المستخدمة للعمل بكثافة اكبر من رأس المال.
فطبقا لتلك النتيجة فان الولايات المتحدة لديها وفرة في
العمل بالنسبة لرأس المال، لان العامل الأمريكي يحيط به تجربة وخبرة وتنظيم ،فان
عنصر العمل هو المتوفر في الولايات المتحدة بالنسبة لعنصر رأس المال، وإذن فان على
أمريكا إن تصدر سلعا ذات كثافة في عنصر العمل عالية بالنسبة لرأس المال وتستورد
سلعا ذات كثافة رأسمالية عالية بالنسبة لعنصر العمل.
3- أساليب النظرية الحديثة في التجارة الخارجية:
اعتمدت النبوءات نموذج (H - O) البسيط على افتراض حالة دولتين و
سلعتين و عنصرين وعلى وجه التحديد فان النظرية مناسبة لتفسير الحالات محدودة يكون
منها دولتين أو مجموعتين من الدول تختلف بشكل كبير من حيث وفرة الموارد الإنتاجية
على سبيل المثال يمكن استخدام النظرية في تفسير أنماط التجارة بين الدول الصناعية
الحديثة و الدول النامية ولكن عدم إمكانية تعميم تنبؤات هذا النموذج البسيط على
حالة التجارة بين الكثير من الدول المشابهة من حيث وفرة الموارد، دفعت الكثير من
الاقتصاديين إلى البحث عن نظريات بديلة لنظرية (H - O) غير أن هذه المحاولات الجديدة لم
ترى إلى مستوى النظرية العلمية الكاملة في التجارة الدولية كما هو الحال في نموذج
(H - O)
و لكنها تمثل مجموعة من التحليلات و الأفكار المنطقية المفيدة في تفسير أسباب قيام
التجارة وأنماطها تحت ظروف محددة ومختلفة عن تلك التي يقوم عليها نموذج (H - O).
ويجب أن لا يفهم من ذلك عدم صلاحية نظرية (H - O) أو إهمالها فالنظرية مفيدة بحدود
فرضياتها واستطاعت أن تفسر جزءا هاما من تدفقات السلع بين الدول هذا بالإضافة إلى
إمكانية توسيع النموذج إلى عنصرين إنتاجيين وسلعتين ودولتين وتطوير تنبؤات تتناسب
بشكل أفضل مع العالم الحقيقي الأكثر تعقيدا، غير أن ذلك بالطبع ينطوي على استخدام
نموذج معقد للغاية الأمر الذي يجعل البحث عن نموذج آخر أكثر بساطة أمرا مبررا
ويشمل ذلك أسلوب دورة الإنتاج و التجارة في ظل وفورات الحجم الاقتصادية و التجارة
في حالة المنافسة غير التامة، و التجارة في حالة تشابه الأذواق وتجارة الحدود.
أسلوب دورة الإنتاج:
بالرغم من قوة النظرية الكلاسيكية التي تغزو التجارة بين الدول إلى
الاختلافات التكنولوجية إلا أن أحد محددات هذه النظرية يمكن في اعتمادها الأسلوب
الساكن في تقرير الميزة النسبية و أنماط التجارة، فالميزة التكنولوجية غير ساكنة
وقابلة للتغيير عبر الزمن في ظل سهولة انتقال التكنولوجية عبر الدول، وقد قام الاقتصادي
فرنون VERNON
بتطوير نموذج
تحليل ديناميكي للميزة النسبية وافترض أن التقدم التكنولوجي يبدأ بشكل مستمر
في أمريكا ومن ثمة ينتقل في مرحلة لاحقة إلى دول أخرى خارج أمريكا فالتفوق
التكنولوجي يعطيها دورا رياديا في تطوير منتجات جديدة وتصنيعها.
وبعد تحقيق النجاح ورواج السوق الأمريكية فان هذه المنتوجات تستحوذ على
اهتمام وطلب تجار آخرين خارج أمريكا مما يمكنها من المباشرة في تصدير هذه المنتجات
لدول أخرى ومع توسع الطلب الأجنبي على مثل هذه السلع فانه يصل إلى حجم كبير بما فيه
الكفاية لتحفيز منشات أجنبية على تبني هذه السلع ومحاولة إنتاجها لصالحها فإذا
تمكنت هذه المنشات الأجنبية من الحصول على التكنولوجية الإنتاجية اللازمة فإنها
ستباشر في الإنتاج ثم البيع في السوق المحلي التي تعمل فيه هذه المنشاة يؤدي ذلك
في البداية إلى انخفاض صادرات أمريكا لهذه السوق ، وفي مرحلة لاحقة قد تبدأ هذه
المنشاة الأجنبية بتصدير السلعة إلى دول أخرى أجنبية ما يؤدي إلى تخفيض إضافي في
صادرات المنتج الأمريكي و مع اكتساب هذه المنشاة الأجنبية الخبرة و المهارة في
إنتاج هذه السلع و التوسع الكبير في الإنتاج لسد حاجة الأسواق المحلية الخارجية
فإنها قد تتمكن من تخفيض تكاليفها إلى درجة تمكنها في النهاية من البدء في تصدير
السلع للسوق الأمريكي ويمكن أن تمثل هذه الدورة الإنتاجية ومرافقها من تغبر في
الميزان التجاري الأمريكي.
التجارة الدولية في ظل المنافسة غير التامة:
كان تحليل التجارة الدولية في نموذج الميزة النسبية ونموذج (H - O) يستند إلى اقتراض ثبات وفورات
الحجم الاقتصادي و المنافسة التامة ، غير أن هذا لا يتحقق في جميع الحالات فبعض
العمليات الإنتاجية تتصف بتزايد وفورات الحجم الاقتصادي ، وهذا يعني أن إنتاج مثل
هذه الصناعات سيزداد بنسبة اكبر من نسبة الزيادة في المدخلات الإنتاجية و بافتراض
ثبات أسعار عوامل الإنتاج، فان ذلك يتضمن أن منحنى الكلفة المتوسطة لمثل هذه
الصناعات سيكون منحدرا من الأعلى للأسفل مع التوسع الإنتاجي فيها، تحت ظروف
التكاليف هذه سيكون هناك ميل لتركيز الإنتاج في عدد قليل من المنشات وذلك
للاستفادة من وفورات الحجم الكبير ، مما
يبعد الصناعة عن حالة المنافسة التامة.
يمكن أن ينظر إلى دور وفورات الحجم الاقتصادي في التجارة الدولية على انه
مكمل لأسلوب دورة الإنتاج السابق فغالب ما يتطلب تطوير منتجات جديدة إنفاقا كبيرا
جدا على البحث و التطوير، مما يجعل المنشات العامة في هذا المجال، تعتمد على
التصدير لتوسيع إنتاجها بشكل كبير يمكنها من تخفيض معدل تكلفتها إلى مستوى القبول.
و المنشاة الصناعية التي تتمكن بالتالي من التوسع بشكل اكبر وأسرع من غيرها
بعد تطوير المنتج الجديد تستطيع أن تصل إلى كلفة متدنية بما فيه الكفاية ليضمن لها
مركز احتكارها في السوق المحلي و ربما أيضا يجعل من الصعب على المنتجين الأجانب
الدخول إلى مثل هذه الصناعة وحدوث مثل هذا الوضع سيلغي أو على الأقل سيؤخر حدوث
المرحلتين الثالثة و الرابعة من دورة الإنتاج من ناحية أخرى فان سبق المنشاة في
البحث و التطوير ثم التصدير ثم الاستفادة من وفورات الحجم الكبير سيولد لها أرباحا
كبيرة ويمكنها من تمويل نفقات البحث و التطوير الضخمة اللازمة لاستمرار تطوير
منتجات جديدة مرة أخرى وهكذا تستطيع مثل هذه المنشاة الحفاظ على استمرارية السبق و
التجديد التكنولوجي المقرونة بقدرة التمويل الذاتي لضخم الذي يكون بمثابة سد أمام
المنافسة الأجنبية
التنويع الإنتاجي و التجارة الدولية:
بشكل عام فان معظم السلع الصناعية الاستهلاكية تتفاوت من حيث صفاتها
الجوهرية و الشكلية ، فمساحيق التنظيف مثلا تختلف من حيث التركيبة الكيميائية و
الرائحة و الجودة و اللون و التعليب الماركة التجارية.
من ناحية أخرى فان المستهلكين لهم أذواق متنوعة و متعددة فالنوع الذي يناسب
ذوق احد المستهلكين ليس بالضرورة أن يكون مناسبا لذوق مستهلك آخر.
ومن هنا فان التنويع يفيد المستهلكين من حيث انه يمكنهم من إيجاد النوع
الأقرب إلى إشباع حاجتهم ، وملائمة أذواقهم ، بالمقابل فان إنتاج أنواع مختلفة من
السلع مكلف حيث انه يتطلب تكاليف تطوير وبحث لتصميم الأنواع الجديدة و يتطلب إنتاج
الأدوات و الآلات المناسبة لهذه الأنواع المختلفة مما يرفع تكاليف الإنتاج و
بالتالي فان عدد الأنواع التي ستنتج من كل سلعة يعتمد من حيث المبدأ على ما تضيفه
من منافع للمستهلكين مقارنة مع ما تضيفه للتكاليف، و قد بحث كل من Krugman وبول كورتمان و Bancastes
كلفن لانكاستر في تحديد النوع الأمثل الذي يجب إنتاجه من السلعة وفي تأثير التجارة
الدولية على إعداد الأنواع المتاحة للمستهلكين وقد استخدموا نموذجا رياضيا يشبه
نموذج H-O- في التجارة الدولية ولكنهم افترضوا أن المستهلكين يسعون
إلى تعظيم منفعتهم من استهلاك سلعتين أحداهما تتكون من عدد غير محدود من الأنواع و
الأخرى متجانسة و لا مجال هنا البحث في التفصيلات الرياضية للنموذج ، ولكننا يمكن
أن نلقي الضوء على الأفكار الرئيسية لهذا الأسلوب، نفترض أن كل دولة تنتج سلعة
الطعام ( F
) المتجانسة وعدد كبير جدا من أصناف سلعة صناعية ( M ) نفترض أيضا أن الطعام كثيف
العمل نسبيا وان السلع الصناعية كثيفة رأس المال نسبيا، وكما افترض H-O- نفترض أن إنتاج كل نوع من أنواع
السلعة المصنعة يخضع لظروف تناقص التكاليف أو تزايد وفورات الحجم IRS ويمكن اعتبار هذا الوفر في
التكاليف الإنتاج هذه الأنواع من السلعة الصناعية ناتج عن توزيع الكلفة
الثابتة و الضخمة للبحث و التطوير اللازمة لتطوير مثل هذه الأنواع على حجم إنتاجي
كبير تحت هذه الافتراضات سوف تقوم الكثير من المنشات بإنتاج أنواع من هذه السلعة
المصنعة ولكن إنتاج كل نوع سيقتصر على منشاة واحدة في ظل تناقص التكاليف ، وذلك
لان كل منشاة ستحاول إنتاج نوع مختلف عن المنشاة الأخرى ، سعيا وراء كسب ولاء
المستهلكين لصنفها لتحقيق بعض السيطرة السعرية وكما هو الحال في نموذج H-O- فان الوفرة النسبية ستحدد كميات و
أسعار السلع المنتجة في كل دولة ولكن وبسبب وفورات الحجم الاقتصادية في هذا
النموذج فان حجم الدولة الاقتصادي له دور هنا، فالدولة الكبيرة اقتصاديا ستحيل إلى
إنتاج عدد اكبر من الأصناف الصناعية وذلك بسبب التفاوت الكبير في أذواق ودخول
المستهلكين فيها، في ضوء ذلك فان التجارة الحرة وفقا لهذا النموذج ستتبع الأنماط
التالية:
v
بالنسبة للسلعة المتجانسة (الطعام) ستتبع تنبؤات نموذج H-O- العادية بما أنها كثيفة العمل
نسبيا فإنها ستصدر من قبل الدولة وفيرة العمل نسبيا إلى الدولة وفيرة رأس المال
نسبيا
v
بالنسبة للأصناف الصناعية كثيفة رأس المال نسبيا فيتوقع
أن تكون الدولة وفيرة رأس المال نسبيا صافي مصدرَّه لهذه الأنواع ، في حين أن
الدولة وفيرة العمل نسبيا ستكون صافي مستوردة لهذه الأنواع، و الاختلاف عن توقعات H-O- ينحصر في كلمة صافي فما المقصود بذلك؟ بما أن كل دولة
وفقا لهذا النموذج سينتج الطعام، وبعض الأصناف الصناعية وحيث أن كل صنف سيختلف عن
أي صنف أخر منتج محليا أو دوليا، فان الأصناف المحلية المتمايزة ستناسب بشكل أفضل
أذواق بعض المستهلكين المحليين في ظل ذلك فان الأصناف الصناعية ستتدفق في
الاتجاهين ، وهذا الانتقال للأصناف المختلفة من نفس السلعة بالاتجاهين يسمى بتجارة
الصناعية الواحدةIntra Indutry Trade وهذا يعني أن كل دولة ستصدر وفي نفس الوقت ستستورد نفس
السلعة المصنعة ولكن بأصناف متفاوتة ، ومن هنا جاء مفهوم صافي التجارة ليشير إلى
الفرق بين قيمة ما تصدره الدولة من أصناف صناعية ما وبين قيمة ما تستورده من أصناف
لنفس الصناعة ، وعليه فان كل دولة وفيرة رأس المال نسبيا ستصدر أصناف مصنعة اكبر
قيمة مما تستورده من هذه الأصناف وتكون بالتالي صافي مصدره لهذه الأصناف.
v
يتضح من النتيجتين أعلاه أن هناك نوعين من التجارة في
هذا النموذج، تجارة عادية باتجاه واحد في السلعة المتجانسة.
v
وتجارة باتجاهين في الأنواع الصناعية و الأهمية النسبية
لهذا النوع الجديد من التجارة الدولية سيعتمد على الوفرة النسبية لعوامل الإنتاج
في الدولتين.
v
فإذا كانت الوفرة النسبية متطابقة في الدولة فان التجارة
للدولتين ستقوم فقط بسبب وفورات الحجم الاقتصادية ، وبالتالي ستقتصر التجارة في
هذه الحالة على تدفقات الأنواع المصنعة فقط.
v
أما إذا اختلفت الدولتين من حيث الحجم و بالتالي من حيث
الوفرة النسبية في العوامل الإنتاجية كما هو الحال في نموذج H-O فيكون لكل دولة ميزة نسبية في السلعة التي تستخدم العنصر
الوفير بكثافة مما يخلق تجارة عبر صناعات مختلفة inten indus us try
( الطعام مقابل المصنعات) كما زادت درجة الاختلاف بين الدولتين كلما قلت أهمية
تجارة السلع المتنوعة intar industry وفي الحالة المتطرفة إذا اختلفت الوفرة النسبية الرأس
المال بين الدولتين بما فيه الكفاية فقد تتخصص إحدى الدول تخصص كاملا مما يجعل
التجارة مقتصرة على اتجاه الصناعات المختلفة.
وبشكل عام فان هذا النموذج في التجارة الدولية يعطي
تنبؤات منسجمة مع العالم الواقعي، فالتجارة بين الدول المتقدمة و المتشابهة
اقتصاديا كالدول الصناعية مثلا تتركز في تجارة الأنواع المصنعة في حين أن التجارة
بين الدول المختلفة اقتصاديا كالتجارة بين الدول الصناعية ودول العالم الثالث
ستتركز في تجارة صناعية مختلفة تصدر من خلالها الدول المتقدمة السلع المصنعة مقابل
استيرادها للسلع الأولية و المواد الخام .
نظرية تشابه الأذواق:
ترجع هذه الفرضية إلى الاقتصادي (ستافن ليندر) وقد بدأ تحليله بافتراض أن
الدولة ستقوم بتصدير السلع التي تملك لها أسواقا كبيرة و رائجة، وبرر ذلك بالحاجة
إلى إنتاج كبير الحجم من اجل تمكين المنشات المحلية تحقيق وفورات حجم اقتصادية
وتخفيض كلفتها و بالتالي أسعارها بشكل كاف لتمكنها من غزو الأسواق الأجنبية.
بالإضافة إلى ذلك فقد اعتقد (ليندر) أن الدول متشابهة الدخل ستكون أيضا
متشابهة الذوق واستنتج بالتالي فرص التصدير لكل دولة ستكون في أسواق الدولة الأخرى
المتشابهة لها من حيث الدخل ومن هنا جاء اسم النظرية (تشابه الأذواق).
في ضوء هذا فقد توقع (ليندر) بان هذا النوع من التجارة سيرتكز على السلع
المتشابهة ولكنها في نفس الوقت متمايزة بطريقة أخرى أي أن التجارة الدولية وفقا
لهذا الأسلوب ستتركز في المنتجات الصناعية المتنوعة بين الدول المتشابهة من حيث
الدخل وأنماط الطلب وأخيرا فقد اعتقد (ليندر) أن هذا الأسلوب في تفسير التجارة
ينطبق فقط على السلع الصناعية الخاضعة للتنويع حيث يلعب كل من التفضيل ووفرات
الحجم دورا أساسيا. أما فيما يتعلق بتجارة السلع الأساسية و الأولية فقد اعتقد
أنها تنبؤات نموذج H-O و الذي يركز على دور عرض (وفرة)
عوامل الإنتاج.
يلاحظ أن هذا الأسلوب يتنبأ بان تكون تدفقات السلع دوليا اكبر حجما كلما
ازدادت درجة الاختلاف في الذوق و الوفرة لان ذلك سيؤدي إلى اختلافات اكبر في
التكاليف و الأسعار كذلك يتوقع أن تختلف صادرات الدولة عن مستورداتها لان نسبة
المزج لعوامل الإنتاج ستختلف في أصناف التصدير مقارنة بأصناف الاستيراد.
ويلاحظ أن جزءا من التجارة الدولية المعاصرة تأخذ أنماطا تتفق مع توقعات
أسلوب (ليندر) فمعظم التجارة الدولية في السلع المصنعة تحدث بين الدول عالية الدخل
كدول أوروبا الغربية وأمريكا وكندا.
بالإضافة إلى ذلك فان جزءا هاما من هذه التجارة يحدث في سلع متشابهة
ومتمايزة كالسيارات و الأجهزة الكهربائية و الالكترونية، وأخيرا فان هذا الأسلوب
ليس بنظرية كاملة حيث لا يوجد فيه ما يفسر سبب تركز إنتاج السلعة المعينة في
البداية في منشاة معينة ودولة معينة دون سواها، ويترك تحديد البداية في إنتاج
الصنف المعين في المكان المعين للصدفة وكل ما يخبرنا أن الدولة يجب أن تكون كبيرة بما
فيه الكفاية، لتمكن المنشاة المعينة بالتوسع بشكل يحقق لها وفورات حجم اقتصادية
كافية لتمكنها من المنافسة التصديرية.
تكاليف النقل و التجارة:
قام التحليل السابق للتجارة الدولية على افتراض عدم وجود تكاليف نقل لتدفق
السلع عبر الدول، ولكن هذا الفرض كان للتبسيط فقط، حيث انه من ناحية واقعية توجد
تكاليف نقل مصاحبة لحركة السلع من مكان إلى آخر ، وقد ترتب على هذا الافتراض أن
التجارة الدولية الحرة بالنتيجة ستعمل على مساواة أسعار السلع في الدول المختلفة
ولكن من حيث المبدأ فان إدخال كلفة نقل موجبة للتحليل لا يشكل مشكلة أو صعوبة
كبيرة حيث أن وجود تكلفة النقل سيؤدي إلى اختلاف سعر السلعة في الدولة المستوردة
مقارنة بالدولة المصدرة، و بالتحديد فان السعر في الدولة المستوردة سيزيد عن السعر
في الدولة المصدرة بمقدار كلفة الشحن.
ففي تحليلنا السابق للتجارة بين الأردن وأمريكا في سلعتي الطعام و الملابس،
افترضنا أن الأردن يتمتع بميزة نسبية في الملابس و بالتالي فانه يصدر الملابس
ويستورد الطعام إذا ما اعتبرنا السعر النسبي للملابس سيزداد في أمريكا بمقدار كلفة
نقل الملابس وهذا يعني شروط التجارة لكل دولة ستتدهور، وان الإنتاج المحلي من
السلع المنافسة للاستيراد سيزداد حسب حجم التجارة الدولية، إذن طالما حجم كلفة
النقل صغيرة مقارنة بسعر السلعة فان التجارة ستستمر بين الدول ولكن بحجم (وبالتالي
مكاسب) اقل. ويمكن في حالة السلع منخفضة القيمة مقارنة بحجمها أو وزنها، أن يكون
حجم كلفة النقل كبيرا جدا مقارنة بسعر السلعة مما قد يلغي التجارة الدولية كليا
ومن الأمثلة على هذه السلع: الاسمنت، الحجارة و الإسفنج و الخدمات كخدمة قص الشعر
و الخدمات الشخصية، حيث تصبح مثل هذه السلع و الخدمات غير متاجر بها دوليا و عليه
فان كلفة النقل بالرغم من عدم تأثيرها على أنماط التجارة الدولية في حالة قيامها
إلا إنها تعتبر عقبة أمام التجارة الحرة حيث تنخفض من حجم التجارة، ومن مدى
التخصيص الدولي وتقسيم العمل و بالتالي فان تخفيضها يعمل تماما كتخفيض ضرائب
الاستيراد حيث يزيد من حجم التجارة الدولية ومكاسبها.
الممارسة اللا تنافسية في التجارة الدولية:
لا تعتبر تكاليف النقل السبب الوحيد لاختلاف أسعار السلع المتاجر بها بين
الدول، فإذا لم يكن هناك منافسة تامة في
إنتاج السلع فقد تباع نفس السلعة بأسعار مختلفة في الأسواق المختلفة و حالة
التمييز السعري الاحتكاري يمكن أن تطبق على نطاق التجارة الدولية لتولد حالة هامة
تعرف في مجال التجارة الدولية بتجارة الإغرق.
Post A Comment:
0 comments so far,add yours