الإصلاحات الهيكلية في الإقتصاد الوطني Les réformes structurelles de l'économie nationale




مطلب 1: الإصلاحات الهيكلية في الإقتصاد الوطني:

                 إن انهيار سعر البترول الذي عرفته الجزائر مع مطلع سنة 1994 مضافا إليه الإختلالات التي سادت خلال السنوات الماضية، واستفحال الأزمة الأمنية الداخلية، وكذا تراجع إمكانية التمويل الخارجي وضع الإقتصاد الوطني أمام أزمة حادة ظهرت على شكل اختلالات خطيرة عرفها ميزان المدفوعات، ما أدى بالسلطات الجزائرية إلى التخلي عن سياسات الترقيع المتمثلة في الحلول الجزئية التي لا تخدم طموح ما يصبو إليه الإقتصاد الجزائري، ولا يرفع من معاناة الشعب الجزائري، ولا يرفع من معاناة الشعب الذي تضرر من مشكلة البطالة وغلاء المعيشة.




فلجأت من جراء هذا التراجع الخطير لمستوى التنمية الإقتصادية إلى عقد اتفاق للإستعداد الإنمائي مدته سنة واتفاق آخر من ماي 1994 مدته ثلاث سنوات، بموجب تسهيل الصندوق الممدد الذي أقدمت السلطات الجزائرية لا سيما صياغته في شكل برنامج للتصحيح الهيكلي وكانت إستراتيجية الإصلاحات الإقتصادية تسعى إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية:

·       النهوض بالتنمية الإقتصادية برفع معدلات النمو الإقتصادي بغية إمتصاص اليد العاملة، وتقليص البطالة تدريجيا.
·       تقريب معدل التضخم السائد في الجزائر من تلك الموجودة في البلدان الصناعية
·       خفض التكلفة الإجتماعية الناتجة عن المرحلة الإنتقالية للتصحيح الهيكلي.
·       إعادة توازن ميزان المدفوعات مع تحقيق مستويات ملائمة من احتياطات النقد الأجنبي.

              إن هذه الأهداف الأربعة المذكورة آنفا ينبغي أن تطبق عمليا وفق ثلاث مراحل ميدانية تمس كافة القطاعات الفاعلة في الإقتصاد والتي يرجع الدور الفعال والأساسي في أي تنمية وهي المحركة للإقتصاد.

 -1- قطاع التجارة الخارجية وعمدت السلطات الجزائرية إلى سياسة نقدية متشددة تجاه سعر الصرف، فقد بدأت البرنامج الإصلاحي بتخفيض قيمة العملة بنسبة 50% حتى تصحح الإرتفاع المفرط في قيمة الدينار الذي ظهر و تطور عامي (1992 – 1993)، وكان سعر الصرف الإسمي ثابت بشكل عام بالرغم من تزايد الضغوط التضخمية، واصلت الحكومة الجزائرية الإصلاحات النقدية بتحول تدريجي في نظام سعر الصرف من خلال ربط الدينار بجملة من العملات الأجنبية الرئيسية في نظام التقويم الموجه, حتى يمكن للدينار الجزائري من التصدي للصدمات المحتملة في معدلات التبادل مستقبلا، فقد تم إدخال نظام السوق النقدي الأجنبي بين البنوك عام 1995، مما أمكن فيما بعد تخفيض سعر الصرف الإسمي إلى 30 % والتوصل إلى سعر الصرف الحقيقي، استمرت الحكومة في إدارة الطلب والدخل بشدة وموضوعية لما يسمح بمزيد من القدرة التنافسية، وتسمح للمستثمرين بتنويع الأنشطة التجارية بعيدا عن المحروقات ويمكن تلخيص الإصلاحات النقدية في النقاط التالية، والتي وردت إلى البرنامج الرسمي للسلطات.

-2- إقامة إصلاح مالي وتحقيق التوازن الداخلي والخارجي ويتم فيه تحقيق إصلاح اقتصادي شامل وكذا تحقيق الأهداف الإقتصادية الكلية للبرنامج فقد عمدت الدولة إلى توجيه المداخيل البترولية بشدة وصرامة صاحبته بتصحيح في سعر الصرف، واستكمالا لذلك طبقت سياسة نقدية متشددة وأسعار فائدة حقيقية يكون لها تأثيرا إيجابيا على الإستثمارات مستقبلا وتمكن السلطات الجزائرية من الحصول على نتائج إيجابية في الموازنات العامة ففي 1993 كان العجز في الميزان المالي يقدر ب 9% من إجمالي الناتج المحلي ليتحقق فائض قدره 3% من هذا الإجمالي لسنة 1996، ويرجع هذا التقدم في الأداء الإقتصادي الكلي الجيد والإجماع العريض الذي توصلت النقابات العمالية والمؤسسات العامة وكذا القطاع الخاص، والمؤسسات الرسمية الفاعلة وبفضل السياسة المتمردة في تنفيذ الإصلاحات من طرف الدولة، وقد أسهم هذا التحسن النوعي في ارتفاع العائدات النفطية لسنة 1996 في تحسن اقتصادي شامل وعمدت السلطات إلى الضغط على الإنفاق العام وخصوصا بالنسبة للأجور، والإعانات حتى يحد من تعرض الميزانية في حالة هبوط أسعار النفط، إذ يعتبر هذا الفائض ضمان للتصدي للمطالب المحتملة على المواد العامة، وكان من أهم النتائج السياسية النقدية المتشددة هبوط نسبة السيولة النفطية من 49% عام 1993 إلى 36% عام 1996، أما على مستوى الإقتصاد الكلي فقد تراجع معدل التضخم من 6% سنة 1997 إلى 39% عام 1994.

                وفي ظل هذه النتائج الإقتصادية الموجبة أصبح ممكن الحصول على تمويل استثنائي خارجي فقد تعزز الوضع الخارجي للجزائر بدرجة كبيرة، حيث ارتفعت الإحتياطات بشكل ملحوظ،وقد أدى التحسن في الأداء الإقتصادي بتوسع قوي في عائدات المحروقات، وتزامن هذا مع الإنتعاش الزراعي بعد عامين متتاليين من الجفاف وكذلك التحسن الذي طرأ على قطاع الخدمات إلى زيادة الدخل الفردي في عام 1995 – 1996، بعد هبوط استمر 05 سنوات متتالية بالرغم من هذا التحسن الشبه الكلي، فقد عرف قطاع الصناعات التحويلية تراجع بسبب تحرير الواردات الذي شكل منافسة شديدة للإنتاج المحلي.

وضع الآليات الأساسية والقاعدية للإنطلاق إلى إقتصاد السوق:

بذلت السلطات جهودا نحو إعادة هيكلة المؤسسات العامة فمنحها الإستقلالية المالية القانونية قبل عام 1994 مع إعادة تأهيلها من جديد خاصة بعد مسح ديونها من طرف الخزينة العامة، ومكنتها من استبدال الديون القائمة في ذمتها تجاه البنوك التجارية بسندات حكومية، رغم ذلك بقيت المؤسسات الجزائرية تعاني العجز، بسبب الحلول الترقيعية التي لم تأتي بنتيجة ما أدى إلى انتهاج سياسة مالية الأكثر تشددا ففرضت السلطات حدا أقصى على الإئتمان للمؤسسات من طرف البنوك التجارية، وقلصت من تكاليف العمالة بهدف منح فرص المنافسة ووجهت الجهود اللازمة نحو الأنشطة الأكثر قدرة على الإستمرار.

وقد تمخض عن هذا البرنامج الإصلاحي توفير شبكة التأمينات الإجتماعية، يتم من خلالها تعميم الدعم، وتتم أيضا خلال قانون المالية التكميلي سنة 1994، لأول مرة ببيع المؤسسات العامة وإشراك القطاع الخاص بنسبة 49% من أسهم رأسمالها، كما دعت أول مبادرة خوصصة بقانون عام 1995، كما صدر قانون يقضي بإلغاء إحتكار الدولة لسوق التأمين وتعديل قانون الإستثمارات لعام 1995.

وجاء مشروع قانون عام 1997، الذي يقضي بتحويل الإنتفاع الخاصة بحل المزارع الإشتراكية عام 1988، وتحويل حقوق الملكية المطلقة للفلاحين.


فهرس الجداول

         
             
              

                                               الأورو متوسطية






          

                                                     الناتجة عنها









                                             على المؤسسات الجزائرية



Share To:

ecomedfot salellite

Post A Comment:

0 comments so far,add yours